خطر الديمقراطية على القيادات العسكرية
لماذا يقاتل العسكر لكسر المسيرة الديمقراطية؟
بقلم محمد صلاح الدين
قبل الدخول في الموضوع لابد من السؤال..
هل فعلاً الديمقراطية تمثل خطراً داهماً على دولة العسكر في مصر؟
الإجابة بالطبع نعم ولكن لماذا تمثل الديمقراطية خطراً داهماً إلى هذا الحد؟
قبل الإجابة المباشرة عن هذا الخطر الداهم دعونا نفكر ما هي الامتيازات التي تحظى بها المؤسسة العسكرية في مصر بعد ثورة يوليو 52؟
1- السيطرة الكاملة على كافة مؤسسات الدولة عن طريق المخابرات والأذرع الأمنية شديدة البطش والتي كانت تبيع الأمن للمصريين عن طريق افتعال عمليات بلطجة وإرهاب حتى يشعر المصريين بالتهديد ويكون ذلك مبرراً لمزيد من قمع الحريات وفرض السلطة الأمنية " كنيسة القديسيين بالأسكندرية مثلاً قبل الثورة وأحداث سيناء الأن وأثناء الثورة كذلك الانفلات الأمني الممنهج لإثارة الرعب بين المصريين.
2- السيطرة على ما يزيد عن 40% من اقتصاد الدولة عن طريق المشاريع التي تقيمها القوات المسلحة ومعظمها بإدارة القيادات العليا والكبرى بالمؤسسة العسكرية ولا أحد يعلم عنها شيئاً لأنها لا تخضع للأجهزة الرقابية للدولة ولا أحد يعرف كيف تقسم أرباحها على القوات المسلحة وما خضوعها في عهد مرسي إلا خضوعاً مؤقتاً لتمرير الانقلاب كنوع من أنواع الخداع الاستراتيجي للرئيس.
3- استمرار استباحة أراضي الدولة والتي تمثل مورداً مالياً للقيادات العليا والكبرى في القوات المسلحة حيث يتم وضع اليد على الأراضي تحت السيادة العسكرية ثم يتم بيعها أو إقامة مشروعات عليها كما هو معروف ولا تخضع هذه الأراضي لأي رقابة ولا تدفع القوات المسلحة للدولة وميزانيتها أي مقابل لها.
4- المحافظة على المعونة الأمريكية للجيش المصري والتي تقسم ما بين أسلحة وقطع غيار و رحالات للتدريب بالولايات المتحدة تشمل الإقامة ونحو ذلك الأمر الذي يعد ميزة خاصة للقيادات والضباط التي ترغب أمريكا في بناء ولاء لهم عبر إقامة علاقات مباشرة معهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
5- عدم قبول المؤسسة العسكرية لفكرة قيادة رئيس مدني لها وهي المؤسسة التي تمتلك كل أجهزة وسلطات الدولة وأقواها مثل الإعلام والقضاء والداخلية.وقد أثبتت التجربة مع الرئيس مرسي أن المؤسسة العسكرية كانت تسعى لفرض الوصاية على الرئيس بحجة النصائح حفاظاً على ما يُسمى الأمن القومي والدولة العميقة وهذا ما ذكره الرئيس بالنزول على رأي الفسدة أو تقديم الدنية من دينه أو شرعيته أو وطنهم.
وقد يكون هناك أمور أخرى ولكن هذه الخمسة أسباب بتقديري من الأهمية بمكان لدى القيادات العسكرية التي لا يعلم دخلها إلا الله ثم المجلس العسكري.
لذا أعقد أن فكرة الديمقراطية التي تعني ببساطة ثلاثة أمور رئيسية هي:
1- التشريع.. كأن يتم تشريع قوانين من مؤسسات منتخبة تعبر عن قوة الإرادة الشعبية الأمر الذي يمثل خطاً أحمر لدى قيادات تلك المؤسسة التي تريد أن تستقل لتبقى دولة داخل الدولة ولهذا تركت المؤسسة العسكرية مبارك ليحكم لأنه كان لا يتدخل بشئونها.
2- الرقابة المساءله .. فمن غير الممكن أن تتصور المؤسسة العسكرية أن يتعرض وزير الدفاع والقائد الأعلى للقوات المسلحة القديم طنطاوي أو الحالي للاستجواب على منصة مجلس الشعب من نواب الشعب فضلاً عن أن يتم سحب الثقة منه سواء في حادثة سيناء في رمضان الماضي أو حادثة العيد الحالي، كذلك من غير المتصور لدى تلك القيادات أن تقوم أي جهة بالرقابة الإدارية عليهم وعلى مشاريعهم الاقتصادية وصفقات السلاح التي تتم من حيث القيم والتوريد للمطاببقة ونحو ذلك كذلك فتح ملفات خطيرة منها حقيقة سقوط الطائرة المصرية " رحلة البطوطي" ومنها حقول الغاز التي تم التخلي عنها لإسرائيل وقبرص في البحر المتوسط وقضايا أخرى كبيرة تمس الأمن القومي المصري الحقيقي والتي ربما تثبت تورط قيادات كبيرة وتحرج دولاً كثيرة.
3- تداول السلطة.. وأما هذا المبدأ فهو كارثة الكوارث بالنسبة لقيادات تلك المؤسسة فكلنا يعلم أن الارتقاء داخل تلك المؤسسة وفقاً لمعياران الأول الأقدمية والثاني رضا القيادات عن العنصر وبالتالي تم ربط جميع القيادات الوسطى بالقيادات العليا للسيطرة عليها، وهنا يجب أن ندرك أن طنطاوي وقيادات المجلس العسكري هم أساس الدكتاتورية ورفض تداول السلطة في مصر حيث ظلوا جميعأً يعملون معاً لسنوات طويلة دون تداول سلطة حقيقي للقيادات حسب الكفاءة والقدرة على العطاء والوطنية والولاء والانتماء فتبقى القيادت لأطول فترة ممكنه للمحافظة على المنافع و النفوذ الشخصي لها.
ونظرأً لكل ما سبق فإن الديمقراطية تمثل الخطر الداهم على القيادات العسكرية لأنها ستقوم بإيجاد برلمان ورئيس حقيقي يتمع بقوة شرعية من إرادة الشعب والأخطر هي الحكومة المنتخبة من البرلمان والتي تتشكل بحسب الأوزان النسبية ممن يحظى بثقة الشعب مما يعني أن يخضع منصب وزير الدفاع والإنتاج الحربيالقائد العام للقوات المسلحة للتغيير كل أربع سنوات على الأكثر لأن الأمر لن يخضع لترشيحات أو لإملاءات المؤسسة العسكرية بل لاختيارات نواب الشعب رئيس الحكومة والرئيس المنتخبين وبالتالي تخسر قيادات المؤسسة العسكرية نفوذها وولاء الضباط لها لأنها ستعمل على أن يكون ولاءها للشعب المصري وحده الأمر الذي لا يصب في مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل اللذان سيجدان صعوبة بالغة في تكون صداقات استراتيجة وحلفاء لهما أقصد عملاء طبعأً.
وما أحداث الحرس الجمهوري وأحداث محمد محمود وماسيبروا إلى دلائل على تدمير العقيدة القتالية في الجيش المصري التي امتدت على جميع أبناء الشعب المصري مسلمين ومسيحيين ثوار وإسلاميين.
والخلاصة هي أننا ياسادة أمام نقطة انعطاف تاريخية فإما أن يستعيد الشعب المصري مؤسسة العسكرية ويسقط الانقلاب لتعود تلك المؤسسة بيتاً للوطنية المصرية وإما تظل تلك المؤسسة لتسير بنا للخلف لعهد عبد الناصر بل أشد.
لذا أدعو كل أبناء الشعب المصري الشرفاء إلى النزول غداً والاعتصام بالله في الميادين لاستعادة مصر لإرادتها وشرعيتها ومؤسساتها وعلى رأسها المؤسسة العسكرية قبل مؤسسة الرئاسة والشورى وحتى قبل الدستور.. لذا لابد من اسقاط الانقلاب ومحاكمة الخونه.. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.. حفظ الله مصر وأحررها من كيد الكائدين ومكر الماكرين.
ملاحظة : إذا سأل أحدهم سؤلاً مشروعاً من قبيل أن الجيش سيقوم بتسليم السلطة أقول له إن الجيش سيقوم بتسليم السلطة للسيسي ليكون رئيساً للبلاد بانتخابات يشرف عليها هو بنفسه مع العلم بأن أي مجلس للنواب سيكون مجلس ملاكي لما يريده العسكر.
والله تعالى أعلى وأعلم.
0 التعليقات:
إرسال تعليق