الوطن والمواطنة.. والانقلاب والانقلابيين
.. والثيوقراطية والثيوقراطيين.
بقلم / محمد صلاح الدين
تمثل المواطنة أحد أبرز الحقوق الإنسانية لأي مواطن يحمل جنسية لوطن ما على ظهر الأرض، فوفقا للمفهوم الغربي فإن كلمة المواطن تعتبر اشتقاقاً من كلمة المواطنة، ويقصد بها الفرد الذي ينتمي لدولة معينة، ويقيم فيها بشكل معتاد ولو لم يولد بها كحالة اكتساب الجنسية، ويحدد الدستور والقوانين العلاقات بين المواطن والدولة وتشمل الحقوق والحريات والامتيازات التي يتمتع بها هذا المواطن، وواجباته ومسؤولياته والتزاماته تجاه وطنه. وبالتالي يمكن القول بأن المواطنة تعني الروابط الدستورية والقانونية والقيمية والأخلاقية والسياسية التي تجمع المواطن الفرد بوطنه. كما أنها وصفت المواطن الذي له حقوق وعليه واجبات تفرضها طبيعة انتمائه إلى وطن ما.
ومن هذه الحقوق على سبيل المثال لا الحصر : حق التعليم ، حق الرعاية الصحية ، حق العمل وقد أضاف الدستور المصري الجديد حق السكن . وأما الواجبات ، فمنها على سبيل المثال لا الحصر أيضاً: واجب الولاء والانتماء للوطن والدفاع والتنمية والبناء ، وواجب أداء العمل، وإتقانه وواجب التعاون والتكافل والالتزام بالقانون والدستور والمحافظة على الممتلكات العامة… إلخ . وبناء عليه فالمواطنة علاقة بين الفرد المواطن ودولته وهذا لا خلاف عليه ، وقد كتب الكاتب الكبير الأستاذ فهمي هويدي في إحدى مقالته الشهيرة (مواطنون لا ذميون) ليسلط الضوء على هذا المفهوم الحديث دفاعاً عنكم.
وبما أن المواطنة هي وسيلة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وتسامح وكرامة مع غيره على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدل، عبر المساهمة في بناء وتنمية وطنه والمحافظة على العيش المشترك فيه، والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة على الساحة المصرية الآن هو.. لماذا يعيش الأغلبية من المسلمين وكأنهم أقلية في بلادهم؟
فلا يحق لهم إملاء إرادتهم في وطنهم بل كلما أرادوا شيئا يتم الالتفاف عليه من العسكر والعلمانيين والمسيحيين الذين يمثلون الأقلية حيث تجلى ذلك مؤخراً في عدم احترام الإرادة الشعبية بإهدار وإلغاء نتائج خمسة حقوق انتخابية بدأت من استفتاء مارس ثم مجلس شعب ثم شورى ثم دستور استفتي عليه بنسبة 64% انتخابات رئاسية تمت بنزاهة وشفافية شهد لها العالم أجمع والتي أفرزت عن أول رئيس مدني منتخب ليختطفه العسكر بعد عام واحد من أول تجربة ديمقراطية حقيقية في مصر.
إن ما يفعله تحالف الانقلاب لا يمثل انقلاباً الديمقراطية فحسب بل على الوطن والمواطن والمواطنة فما يحدث ضد كل رافضي الانقلاب العسكري في مصر يقوض مفهوم الوطن والموطن بل وحقوق الإنسان والإنسانية تحت ظل الانقلاب وحكم الانقلابيين من عسكر وعلمانيين.
فبينما يُصرح البردعي كبير العلمانيين في مصر والعالم العربي بأن الدولة ليس لها دين وأنه يجب فصل الدين عن الدولة وبأن الجميع يجب أن يكون في الوطن على قدم المساوة وأن اطلاق حرية الاعتقاد أساس للدولة المدنية الحديثة مؤكداً على حقوق البوذيين وضرورة عدم انكار الهولوكوست باعتباره تميزاً ضد اليهود نجده يشارك في انقلاب دموي يقيم ثلاثة مذابح كبرى خلال فترة مشاركة البردعي في الحكم هم مذبحة الساجدين والمنصة ورمسيس
حيث تفرض عليهم الواجبات ولا تؤدى لهم أبسط الحقوق والحريات؟ فأصبح الإنسان المصري البسيط " المسلم " مواطناً من الدرجة الثالثة أو الرابعة والخامسة أو قل ما شئت من الأرقام.
ولكن الأخطر من مسألة الديمقراطية و المواطنة بحقوقها وواجباتها بل والأخطر من مسألة حقوق الإنسان على عظم قدرها هو ذلك التحالف الكهنوتي مع العسكر والذي مثله وجوهاً دينية رسمية وغير رسمية تستدعي فكرة الدولة الدينية الثيوقراطية التي كانت سائدة في العصور الوسطى والتي كانت تقتل مخالفيها بفتاوى كنسية وبابوية الأمر وذلك لإرهاب المخالفين والمعارضين للانقلاب العسكري. الأمر الذي يمثل ردة حضارية وإنسانية لصورة الدولة المدنية التي أسسها دستور 2012 والممارسة الديمقراطية الحضارية التي مارسها أول رئيس مدني منتخب على مدار كامل.
إن الشعب المصري أمام نقطة انعطاف تاريخية سيؤرخ لما بعدها ليس في مصر وحدها بل في المنطقة والإقليم والعالم أجمع، لذا يتعين على هذا الشعب العريق أن يثبت نفسه ويقدم نفسه للعالم على أنه شعب حر عظيم يرفض الانقلاب على إرادته وشرعيته لا يقبل الضيم ولا ينزل على رأي الفسدة.
ولينصرن الله من ينصره .. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق