الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لامبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار.. أفلاطون

وسيبقــى الأمــــل..

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

السبت، يناير 30

لماذا رفضت ألمانيا طلباً يونانياً بتجميد بيع 6 غواصات لتركيا؟

لماذا رفضت ألمانيا طلباً يونانياً بتجميد بيع 6 غواصات لتركيا؟




بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه


أعتقد أن اليونان قد أُصيبت بصدمة عندما تلقت الرد الألماني على طلبها بعدم إتمام صفقة تسلم عدد 6 غواصات ألمانية متطورة لتركيا لأنها ستخل بالتوازن الاستراتيجي في شرق البحر المتوسط بحسب الرؤية اليونانية ولكنها ستدعم مشروع الوطن الأزرق الذي يسعى الأتراك لحمايته كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي التركي للمحافظة على حقوق وثروات الشعب التركي في ثروات تلك المنطقة.


بدأ الموضوع عندما طلب وزير الدفاع نيكوس باناجيوتوبولوس من نظيرته الألمانية أنغريت كرامب كارينباور تعليق بيع عدد 6 غواصات ألمانية الصنع إلى تركيا ، بحسب ما أفاد موقع إخباري يوناني يوم الخميس الماضي، لكن سلطات الدفاع الألمانية رفضته.

فكيف بررت ألمانيا رفضها للطلب اليوناني؟

 لقد ذكرت صحيفة "بروتو ثيما" اليونانية في مقال أن باناجيوتوبولوس قدم الطلب إلى الوزير الألماني يوم الأربعاء خلال عبر الهاتف.

 وفقًا لـ للصحيفة اليونانية فقد بررت الوزيرة الألمانية ذلك بقولها: "لا يمكن إيقاف برنامج بناء وبيع الغواصات الست من النوع 214 لتركيا - أو حتى تأخيرها - لأن شركة البناء ملزمة بالعقود الموقعة منذ عام 2002."

 وأضافت الصحيفة أن الوزير اليوناني قال إن البيع سيخل بالتوازنات في شرق البحر المتوسط.

 وقال البيان الرسمي في المكالمة الهاتفية لوزارة الدفاع اليونانية إن باناجيوتوبولوس أطلع نظيرته الألمانية بالتفصيل على وجهات النظر اليونانية المتعلقة بمسائل الأمن والاستقرار في المنطقة الأوسع.

 الجدير بالذكر هو أن ألمانيا قد لعبت دور الوسيط خلال نزاع شرق البحر المتوسط ​​ورفضت في السابق طلبات من اليونان لمعاقبة تركيا.

 وعارض وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الشهر الماضي مطالبة اليونان بفرض حظر أسلحة على تركيا وسط التوترات المستمرة.

 وقال ماس ، متحدثًا لدويتشه برس أجنتور (د ب أ): 

"لا أجد مطلب حظر الأسلحة ضد تركيا صحيحًا من الناحية الاستراتيجية.  ليس من السهل القيام بذلك ضد أحد شركاء الناتو.  رأينا أن تركيا حليفة الناتو اشترت بسهولة صواريخ من روسيا لأنها لا تستطيع الشراء من الولايات المتحدة "

 كما أعرب الوزيرة الألمانية عن أملها في حل الخلافات في شرق المتوسط ​​عبر القنوات الدبلوماسية.

نعم هذه التبريرات الألمانية لرفض الطلب اليوناني:

(1) أن طلب حظر الأسلحة ضد تركيا ليس صحيحاً وفق الرؤية الألمانية لأن ألمانيا ترى أن تركيا جادة في صناعة احتياجاتها وأنها بذلك ستخسر الحليف التركي وصفقاته الكبيرة التي تقدر بالمليارات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي بما في ذلك ألمانيا.

(2) أن تركيا ليست دولة صغيرة عاجزة عن تنويع مصادر سلاحها فلديها بدائل حقيقية وقد أثبتت تركيا جديتها عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي التركي لدعم الجيش التركي وسد احتياجاته بإتمامها لصفقة إس 400 رغم المعارضة الشديدة الأمريكية والأوروبية والعقوبات التي تعرضت لها ومنها الحرمان من الحصول على طائرة إف 35 الشبحية وبالخروج من البرنامج ولو مؤقتاً.

الخلاصة هي أن ألمانيا القائد الفعلي للاتحاد الأوروبي والشريك الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في المعكسر الغربي لا تُريد ابتعاد تركيا أكثر عن الحلف الغربي لما لتركيا من تأثير وقوة استرايتجية على الصعيد الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي على حد سواء.

وهو ما يثبت قوة ونجاعة السياسية التركية التي توازن وتزاوج بدقة ومهارة شديدة بين الدبلوماسية الخشنة والهادئة، وأنها المُتحكم في عيار التوتر فهي تقوم بالتصعيد عندما يكون التصعيد لصالحها، وتقوم بالتهدئة عندما تكون التهدئة في صالحها.

وهي بذلك تثبت أن لديها القوة والقدرة على اللعب وفق القواعد وتغيير تلك القواعد بقوتها الذاتية إن رأت أن تلك القواعد ستضر بمصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي ومستقبل الشعب التركي.
Share:

الخميس، يناير 28

الكويت تطالب بتمثیل عربي دائم وكامل الصلاحیات في مجلس الأمن

الكويت تطالب بتمثیل عربي دائم وكامل الصلاحیات في مجلس الأمن
وكالة الأناضول للأنباء

إسطنبول
نشر في27.01.2021 10:37




مجلس الأمن الدولي طالب مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة ، نیابة عن الدول العربیة، بتمثیل عربي دائم وكامل الصلاحیات في مجلس الأمن الدولي.


خلال ذلك في كلمة للسيد منصور العتیبي في اجتماع مساء الثلاثاء، بشأن "التمثیل العادل في مجلس الأمن"، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الكويتية، الأربعاء.

وقال العتيبي: "الكويت تطالب نيابة عن الدول العربية بتمثيل عربي كامل الصلاحيات في فئة المقاعد الدائمة لمجلس الأمن الدولي حال أي توسع مستقبلي له".

وأضاف أن "عدالة التمثیل تتطلب أیضا تمثیلا عربیا متناسبا في فئة المقاعد غیر الدائمة في مجلس الأمن الموسع".

وذلك بحسب ما نقلته الأناضول

Share:

الاثنين، يناير 25

في ذكرى ثورة 25 يناير .. أعظم ثورة سلمية عرفها التاريخ الإنساني على مر العصور

في ذكرى ثورة 25 يناير .. أعظم ثورة سلمية عرفها التاريخ الإنساني على مر العصور

بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه



رُغم عصابة الثورة المضادة المتصهينة التي وظفت حثالات واستغلت وخدعت الكثير من أبناء الشعب الذي غررت به نخبة سياسية فاسدة طمعت في السلطة وفرطت في الثورة بتحالفها مع العسكر فشاركت في الثورة المضادة والانقلاب المدني "العلماني" الذي تجلى في 30 يونيو 2013 بتواطؤ من كافة قطاعات ومؤسسات الدولة التي يتحكم بها الجيش من قبل الثورة وأثناءها وبعدها وحتى هذه اللحظة. البعض يقول بأن الإخوان تحالفوا مع العسكر كما تحالفنا لتتساوى الرؤوس وتنتهي الأمور.. وهذا لعمري تدليس ما بعده تدليس من البعض وقياس مع الفارق من البعض الآخر.. 

فإذا سلمنا جدلاً بأن الإخوان قد تحالفوا مع العسكر على حساب الثورة عقب ثورة 25 يناير 2011 فنقول لهم مايلي: 

(1) هذا إدعاء كاذب لتبرير استدعاء العسكر وجريمة المشاركة في الثورة المضادة والانقلاب العسكري الدموي على الثورة والثوار وتسليم مصر لدول إقليمية تابعة للكيان الصهيوني ، وإفقارها وإفقادها مواردها الاستراتيجية للسيطرة عليها حتى إذا سقط النظام. 

(2) أن العبرة بالنوايا والنتائج وليس بالتفسير والتحليل، فلا يوجد لدى من يدعي بتحالف الإخوان والعسكر أي دليل على وجود هكذا تحالف، بينما الأدلة على وجود ترتيبات ترتقي للمؤامرة على الثورة والشرعية أكثر من أن تُحصى. 

فعلى سبيل المثال.. 

 الإخوان رفضوا وثيقة السلمي التي أرادت أن تجعل الجيش دولة فوق الدولة بما يُسمى - المبادئ فوق الدستورية -.. وكذلك رفضوا أن يكون للجيش وضع مميز في الدستور، بحيث لا يخضع للرقابة من المؤسسات التشريعية والرقابية وهو الأمر الذي ساهم في التعجيل بالانقلاب على أول رئيس مدني منتخب. وحسب أول رئيس مدني منتخب رحمه الله تعالى أنه أعطى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الصلاحية الكاملة للتدقيق على مؤسسة الرئاسة لأول مرة في التاريخ منذ انقلاب 1952. 

 كذلك فإن تحالف الإخوان والعسكر (على حد زعم من يزعم)  قد أسفر عن خمس استحقاقات دستورية، لأن النية كانت إعادة بناء المؤسسات الدستورية واستلام الشرعية من المجلس العسكري حتى لا يحدث فراغ دستوري يستمر فيه العسكر بالحكم بإعلانات دستورية. 

فإذا كان الإخوان قد تحالفوا مع المجلس العسكري فقد كانت نيتهم حسنة، بمنح العسكر فرصة أخرى لإثبات الوطنية وتسلم السلطة للشعب بطريقة دستورية، لا مثلما فعل من تحالف مع العسكر ليقضي على شريكه في الثورة والوطن ليتسلم هو السلطة ويدخل القصر على دبابة وصندوق الرصاص دون ديمقراطية وصندوق الانتخاب.

صحيح أن العسكر قد خدعوا الإخوان، وخانوا الأمانة، وانقلبوا على الدستور والقانون، نتيجة حُسن النية التي وضعها الإخوان فيهم وفي مؤسسات الدولة، لكن هذا الذي حدث، قد أثبت أن هذه الدولة، أصبحت خارج التاريخ، وأنها عصية على الإصلاح وأنها قد عادت إلى طبيعة الحكم الفرعوني القديم قبل آلاف السنين وهو الجمع بين جميع السلطات جميعاً ووضعها تحت سلطة الفرعون العسكري - القائد الأعلى للقوات الفرعونية المسلحة- التي تستعبد الشعب على أرضه.
وهذا هو الفارق الجوهري بين من تحالف مع العسكر، ظناً منه وفيه الوطنية بقدر ما حتى يُمرر استحقاقات وطنية دستورية لتسلم السلطة والشرعية للشعب والثورة، وبين من ارتكب مع العسكر جريمة الخاينة العُظمى.
وأخيراً.. البعض يظن أن كل من ظهر في مشهد 30 يونيو عند إلقاء البيان العسكري لإلغاء العمل بالدستور وكتم الأصوات ووقف الفضائيات واعتقال وحبس كل من له علاقة بالإخوان والثورة هم فقط الإنقلابيون، بينما الحقيقة أن الدولة بمؤسساتها قد انقلبت وهي شريكة كاملة الشراكة في الدماء والأعراض والثروات التي أهدرت والجزر والنيل والحدود التي تم التنازل عنها.

إضافة إلى تدمير الصناعة الوطنية ممثلة في تصفية أكبر شركة من شركات الحديد والصلب في الشرق الأوسط -شركة الحديد والصلب المصرية- بدلاً من تنميتها وتطويرها لأن الثورة المضادة الصهيونية تعلم يقيناً أن شركة مثل هذه ستكون عماد أي نهضة للمستقبل، وبما أن الكيان هو الداعم الأكبر للثورة المضادة انقلاب 30 يونيو فهدفه هو تدمير قوى مصر الاستراتيجية ومقدراتها لذا لم يكن ليترك صرح كبير وعملاق من عمالقة الصناعة المحلية تحت أيدي المصريين.
يعني الخلاصة.. هي من لازال يعترف يُجادل ويصف 30 يونيو بأنها ثورة مثل ثورة 25 يناير هو أحد الأصناف التالية: 1- مُدلس عليم اللسان حاقد على الثورة ويُريد شرعنة ما يحدث من إجراءات ضد الأمن القومي المصري والدولة المصرية وضد الشعب ومستقبل أبنائه. 2- مُتكبر يُدرك حقيقة 30 يونيو ولكنه لا يُريد أن يُقر ويعترف بأنه أخطأ وارتكب جريمة الانقلاب على إرادة الشعب المصري التي تجلت في الشرعية الدستورية التي نتجت عن ثورة 25 يناير.
والآن وبعد مرور عقد كامل على الثورة نجد أن الطموح في دولة دستورية ديمقراطية حديثة قد تبخر ولم يتبقى منه سوى أحلام وأن المعارضة اليوم في أضعف حالاتها ولم تستطع أن تقوم بدورها الوطني والتاريخي للالتفاف والاصطفاف حول "مشروع وطني"، للتحرر والاستقلال من الوكيل العسكري الذي يُدير البلاد لصالح المشروع الصهيوأمريكي وفق أجندة واضحة، بينما المعارضة المصرية ليس لها أي أجندة حتى الآن.
3- أحمق مُطاع صاحب هوى مُتبع لا يُميز بين الثورة والثورة المضادة وهذا أخطر الأصناف لأنه عميل مجاني للصهاينة، وهذا الصنف كالأنعام، يحني ظهره ليُركب مجاناً وصدق الشيخ الغزالي رحمه الله القائل: " ليس بالضرورة أن تكون عميلاً لتخدم عدوك، يكفيك أن تكون غبياً". سيبقى الأمل في الله قائم.. والأجيال القادمة ستضطر إلى دفع الفاتورة الكبيرة التي تأجل دفعها بتراجع المعارضة عن تقديم نفسها كبديل حقيقي جاد صاحب مشروع للشعب المصري ثم للقوى الإقليمية والدولية. وهو ما يخشاه نظام الانقلاب لذا فهو يُدمر كل فرص الالتقاء والتحالف والاصطفاف حتى لا يظهر للشعب البديل الصادق الجاد فتخرج الأمور عن المسار والسياق المرسوم من النظام.
عدم وجود البديل صاحب المشروع هو ما يُعقد الأمور

ولكي يتواجد البديل لابد من دراسة تجارب الحالية للمعارضة في سورية وليبيا وأسباب فشلها في الاتفاق والتوافق مما ساهم في زيادة المأساة وتعميق الجراح في تلك الدول.
بغير الاتفاق على وضع "عقد ثوري للتغيير" والاتفاق على صناعة البديل، والاتفاق على المشروع الذي سيُقدم للشعب المصري ليتم استفتائه عليه تكون المعارضة المصرية هي أكبر أداة لدعم النظام بتفرقها وتشرذمها وعدم جديتها في حلحلة الأمور.
وسيذكر التاريخ ذلك كله وسيذكر أيضاً أن ثورة 25 يناير كانت أعظم ثورة سلمية عرفها التاريخ الإنساني كله في العصر الحديث لأنها كانت ثورة كرامة طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية ولم تكن ثورة جياع ولن تكون إلا ثورة كرامة..
#أفكار_في_الهواء
ملاحظة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإذا كان اصطفاف المعارضة واجب فوحدة مكونات الثورة الداخلية فيما بينها واجب كذلك. وكل ثورة وأنتم بخير
#وسيبقى_الأمل
Share:

إدارة جوبايدن و تصورها عن التغيير

إدارة جوبايدن و تصورها عن التغيير

كتب/ محمد صلاح الدين عبد ربه




بتقديري المتواضع أن إدارة بايدين ستقوم بعملية ترويض للنظام والمعارضة على حد سواء للمحافظة على كليهما كورقتين بيدها.

ليس على قاعدة الحل.. فأمريكا لا تحل أزمة ولكن تُديرها بما يحقق مصالحها.
ومصلحة أمريكا مع :
النظام لحماية أمن إسرائيل وغـيرهها من المصالح الاستراتيجية التي تقدمها مصر لأمريكا والغرب
و مع
المعارضة للضغط على النظام من أجل تخفيف القبضة وربما السماح بخروج بعض المساجين والسماح لهم بالعودة التدريجية الرمزية للحياة الإعلامية وربما أقول ربما الحياة السياسية من الأبواب الخلفية.

فمن من مصلحة أمريكا ألا يزيد النظام في القمع فتخرخ الأمور عن السيطرة بصورة مفاجئة كما حدث في 25 يناير2011 فيؤذي نفسه، وأمريكا لا تريد للأنظمة التابعة لها (الحليفة) أن تؤذي نفسها بطبيعة الحال.

لذا فهي ستضغط لترويضه وجعل القمع في مستويات مقبولة لا تمثل إحراجاً لها.

وفي نفس الوقت ستروض المعارضة من خلال تخفيف الضغط عليها، ومحاولة تقريب بعض رموزها والتضييق على بعض رموز النظام ممن انتهت صلاحياتهم مثل الببلاوي لتبقى المعارضة في الحضن الأمريكي ولا تعرض المصالح الأمريكية للخطر، إذا ما تغيرت الظروف واضطرت أمريكا لدعم المعارضة تحت أي ظرف من الظروف، سواء بإشراكهم في النظام جزئياً يعني معارضة مستأنسة، أو أي تغيير طارئ كما ذكرت أعلاه..

يعني أمريكا كدولة المركز الرئيسية التي تقود العالم هي من تملك زمام الأمور وتعمل على ضبط الإيقاع الداخلي في الدول التابعة (الحليفة) لها.

المشكلة أن المعارضة ليس أمامها خيارات فهي ما بين البقاء في آتون القمع الوحشي غير المسبوق، أو القبول بقدر معين من الاستخدام لتحقيق المصالح الأمريكية، وإلا فإطلاق الوحش عليها مرة أخرى أو الحصار والمروق خارج السيطرة الأمريكية وهو ما سيكون له تبعاته.

بعكس النظام الذي أمامه خيرات أكثر حتى وإن قدم تنازلات فهي لن تكون تنازلات وجودية بالنسبة له، ولكن المعارضة ستكون تنازلاتها وجودية لأنها تمس المصداقية.

لذا يجب على المعارضة أن تعيد بناء نفسها على قاعدة (قوتنا في وحدتنا) ولا تجعل من نفسها ورقة في أيدي أمريكا بقدر ما تكون البديل الشعبي الذي لا يمكن لأمريكا أن ترفضه وإن لم تقبله أيضاً، وهذا يتطلب قوة شعبية كبيرة أو حالة ثورية لتفرض المعارضة نفسها على أي سيناريو مستقبلي.
والله أعلى وأعلم
Share:

الخميس، يناير 21

هل قدم الأمريكان نموذجاً يتحذى به للعلمانية الأمريكية المُتصالحة مع الدين؟

هــل قــدم الأمريكـــان نموذجــاً يتحــذى بــه للعلمانيــة الأمريكية المُتصالحة مع الـديــن؟

ولماذا لا يقتدي العلمانيين العرب من الحكام والنخب الحاكمة 
بهذا النموذج المتصالح مع الدين؟

بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه


لقد تابع العالم أمس الأربعاء 20 يناير 2021 تفاصيل الحدث الأمريكي الأبرز عالمياً وهو تنصيب الرئيس الأمريكي جوبايدين ليصبح الرئيس السادس والأربعين لأكبر ديمقراطية في العالم.

وبعد الوجبة الدينية الدسمة التي تناولها العالم خلال حفل تنصيب بايدين علينا أن نسأل : لماذا ترك العلمانيين العرب العلمانية المتصالحة مع الدين كالأمريكية والبريطانية والتركية "الحالية" أو حتى الروسية التي لا تُخفي تدينها واختاروا الفرنسية؟  المتخاصمة بل المتحاربة مع الدين والتدين خاصة الإسلامي تحديداً؟!!

والإجابة الأبرز والأعظم التي خطرت لي هنا هو قوله تعالى: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون)الجاثية 23

لا أسوق هذه الآية الكريمة للتسويق لتلك العلمانيات ولا أقول بأن العلمانية خياراً إسلامياً بطبيعة الحال. فالعلمانية نتاج تجربة وموروث إنساني ثقافي متطور للحضارة الغربية ولها سيقات تاريخية من الإرهاب والتسلط والتكفير الديني بسبب هيمنة الكنيسة على الحياة الإنسانية العامة بكل مجالاتها من الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلى أدق تفاصيل الحياة الإنسانية للإنسان حتى لاحقته في الآخرة بـ (البيع والشراء) عندما باعت له الجنة فاشتراها في أسوأ عملية متاجرة بالدين والمقدس من أجل المال.

ولكني أسوق ذلك لأثبت أن المتطرفين من العلمانيين العرب اختاروا أشد أنواع العلمانية بغضاً وحرباً للدين كونهم يعبدون أنفسهم وشهواتهم وما يسمى بالحرية المطلقة (الإباحية) التي تُأله الإنسان ، مُتجاهلين مع سبق الإصرار والترصد أن الإسلام لا تنطبق عليه أي من السياقات التاريخية للمسيحية وكنيستها.

كما أنه "الإسلام" ليس مُنتجاً لتجربة بشرية، بل هو "دين إلهي" نــزل من لدن حكيم خبير "لإصلاح الدنيا بالدين"، ولكن رغبتهم "العلمانيين العرب" في عدم الالتزام بتعاليم الإسلام هو ما دفعهم لمعادة تعالميه سراً وإعلان الحرب على دعاته وحاملي لوائه علناً.

إن العلمانية كتجربة إنسانية (لها ما لها وعليها ما عليها) والإسلام (كدين إلهي من خصائصه الكمال) قال تعالى (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون، اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة 3

فالإسلام كدين لا يتعارض مع العلم ولا مع المدنية والتطور قال تعالى (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة، ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، وتبغ الفساد في الأرض، إن الله لا يحب المُفسدين) القصص 77

الإسلام هو الرسالة العهد الأخير من السماء للبشر، لذا فقد حمل في ذاته بذور النمو والنماء والتطور بما يصلح لكل زمان ومكان ويُصلح كل زمان ومكان بما يملكه من منظور كوني يقدم كل الإجابات التي يبحث عنها الإنسان روحياً ومادياً. 

بما يحمله من مقاصد وقيم وتوجيهات وتشريعات تنظم العلاقة بين الإنسان وربه وبين الإنسان الكون وبين الإنسان والدولة والمجتمع بعلاقاته الإنسانية المُعقدة بين البشر مؤمنين وغير مؤمنين أو مسلمين ويهود ونصارى أو أي من أهل الأديان الأرضية الأخرى على أساس إنساني جوهره التكريم الإلهيى للإنسان.

مع احترام الاختلاف وحرية العقيــدة التي حرص الإسلام عليها مع نزول القرآن (لكم دينكم ولي دين)، (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، (ما أنت عليهم بمُسيطر) فالإسلام يُريد مؤمنين صادقين لا يُريد منافقين، (لا إكراه في الدين) لأن الإكراه يصنع المنافق، ولا محاكم تفتيش في الإسلام كما فعلت الكنيسة أو تفعل العلمانية المتطرفة اليوم مع المؤمنين من المسلمين كما يحدث في فرنسا.

وحتى يُدرك المجتمع المُسلم جوهر الإسلام وقيمته ليس للمسلمين فحسب بل للإنسانية ، هل يُمكن أن يقبل العُقلاء من أبناء التيار العلماني ومن يدعون الليبرالية بعلمانية متصالحة مع الدين كالعلمانية الأمريكية أو البريطانية أو التركية أو حتى الروسية؟

علمانية تترك للإنسان حقه في أن يعيش وفق معتقادته الدينية بما في ذلك حقه في العبادة واختيار طريقة حياته وملابسه وطعامه وشرابه وفق تلك المعتقدات، دونما أن يخشى على نفسه وحريته من الاضطهاد باسم دعوى الأسلمة المزعومة التي تستخدمها الأنظمة العلمانية العربية المتطرفة كمظلة لمحاربة الديـن والمتدينين كما تفعل خالتهم فرنسا.
Share:

الأربعاء، يناير 20

الديمقراطية الأمريكية المُتدينة ..آخر دروس الديمقراطية الأمريكية.. في حفل تنصيب الرئيسالـ46 جو بايدين

الديمقراطية الأمريكية المُتدينة ..آخر دروس الديمقراطية الأمريكية.. في حفل تنصيب الرئيس الـ46 جــو بايـــدين

الكاتب/ محمد صلاح الدين عبد ربه


آخر دروس الديمقراطية الأمريكية الدين أساس الدولة وعماد الديمقراطية ووجوده حتى في أخطر المراحل التي تمر بها الآلية الديمقراطية وقد تجلى ذلك في::

(1) استدعاء قس ليختم بعظة ودعاء عقب إنتهاء الكونجرس الأمريكي من أعتماد نتائج الانتخابات الأمريكية.

(2) توجه الرئيس الأمريكي المنتخب للكنيسة للمشاركة في قُداس ليُثبت مسيحيته والتزامه بدين الدولة الرسمي (المسيحية) ويختم بدعاء قبل التوجه لإتمام مراسم التنصيب.

(3) مشاركة قس لإلقاء عظة ودعاء ضمن حفل التنصيب كأحد التقاليد الراسخة في حفل التنصيب.

(4) القسم على الإنجيل (كتاب الولايات المتحدة المقدس) لحماية الدستور الولايات المتحدة ضد أعداء الولايات المتحدة الخارجيين والداخليين وأنهم سيقدمون كل جهدهم لأداء المهمة على خير ما يكون ... ثم يختمون بطلب المُساعدة من الرب.

بعد كل ذلك أي علماني متعصب يحمل الروح العلمانية الفرنسية الصليبية ممن أفسدوا علينا ثورتنا وسحبوا الوطن إلى معارك حول المتاجرة بالدين، والخوف من الدين، والخوف من الرجعية والتخلف والتزمت إلى غير ذلك من التُهم المعلبة التي نراها الآن تحدث في العلمانية الفرنسية الحاقدة على الإسلام والمسلمين، وبعد أن كشف الواقع لنا الدور القذر للعلمانيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين متسترين بحربهم المُعلنة ضد الإسلاميين الذين يرفعون راية وشعار الإسلام.

من سيتحدث معكم عن فصل الدين عن الدولة أو ضرورة تخليكم عن الإسلام وعدم النص على دين الدولة على أساس أن الدولة ليس لها دين قولوا له.. دينك ودينك أبوك ودين أمك إيه؟

سؤال بسيط ولكنه مشروع جداً فعلاً

نحن دولة مسلمة ودينها الإسلام والشريعة السماوية (المدنية) ينبغي أن تسود ولا تقدم لكم ولا نهضة إلا بها لو تعلمون.
Share:

الثلاثاء، يناير 19

سد النهضة..عقوبة الأمة التي تحارب نفسها وتنقلب على ذاتها..

سد النهضة..عقوبة الأمة التي تحارب نفسها وتنقلب على ذاتها..




نشر قبل عام في 20 يناير 2020

بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه


قبل الحديث عن سد النهضة تجدر الإشارة إلى موضوع هام وهو "فلسفة العقوبة" في الإسلام، فهي فلسفة هدفها تحقيق العدل والردع التعذير والزجر والتأديب والتقويم لاستعادة استواء السلوك الإنساني الفردي. ولكن عندما يتعلق الأمر بسلوكيات غير سوية تُخالف القوانين "إسلامية أو وضعية" تكون مجلبة للعقوبة الجماعية التي تلحق بمجتمع ما، فنواميس الكون لا ترحم ولا تُحابي أحدا، وعندها تحل العقوبة الجماعية حتى ولو كان في هذا المجتمع من الصالحين ما فيه من نواحي الكم والعدد، فتحل اللعنة على الجميع " أنهلك وفينا الصالحون؟ قال نعم.

وكما أن الفرد المُخالف لفكرة القانون، يتلقى عقابه الرادع على تلك المُخالفة في المجتمعات العادلة، فإن المجتمع المتواطئ على المخالفة والخطيئة يحصل على أيضاً على عقوبتة اللازمة التي تظل كوصمة عار لتُلاحقه لأجيال وأجيال، فتارة تكون على شكل هزيمة عسكرية ساحقة يُسمها " نكسة" وتارة تكون على شكل مجاعة عامة يسميها " الشدة المُستنصرية" وتارة تكون كذا، وتارة تكون كذا.

هذا ما يحدث عندما يخون شعب أو مجتمع مع سبق الإصرار والترصد الأفكار والمُعتقدات التي يؤمن بها لتحقيق قوته ونهضته، فعندما يؤمن بالانقلاب بديلاً عن الديمقراطية، و يؤمن بالقمع بديلاً عن حرية الرأي، مجتمع يؤمن بأهمية بناء السجون أشد من إيمانه ببناء المدارس، مُجتمع يؤمن بأنه قوي لأنهم أقنعوه بأنه من سلالة الفراعنة العظام الذين بنوا الحضارة والإهرامات، فبات يؤمن بأنه يُمكن أن يقاوم فيروس كوفيد19 بالشلولو بدلاً عن الطب، و بات يؤمن بأن العلم الذي هو سبب تقدم الأمم لا جدوى منه، ولما لا وهو يسمع مقولة " ويعمل إيه التعليم في وطن ضائع"، مُجتمع يرى ثرواته حوله لا حصر لها بينما يرى أعلى سلطة حكم فيه تتسول عليه وتقول "احنا فقرا قوي"، ثم تُقسم " والله لو ينفع أتباع لا اتباع"، نعم لقد أصبحنا مجتمع ماتت فيه حرية التعبير ، ففقد التنوع وأصبح لا يُعرف سوى الصوت الواحد واللون الواحد باسم الوطن والوطنية التي تم نزعها عن كل من يحاول أن يسأل أسئلة بسيطة مثل: لماذا وكيف ومن وإلى متى؟

فيكون جزاؤه الاتهام بالإرهاب والتآمر على الوطن، نعم، صدق أو لا تُصدق، التآمر على وطن يتآمر على نفسه!!
وكما أن القصاص يكون عقوبة فرد لحماية المجتمع، أعتقد أن العقوبات الجماعية التي نحصل عليها اليوم ما هي إلا عدالة السماء في أمة قد خالفت كل قيم العدل والحرية والإنسانية والعلم، فاصطدمت بسنن الكون والحياة، فانقسمت وضعفت فهانت على نفسها لترى بعض أبنائها يأكل من صناديق القمامة، وترى بعض أبنائها وهو يموت على أبواب المُستشفيات لأنه غير قادر على دفع مصاريف العلاج، ويرى حال المُستشفيات التي يُعالج فيها وهي مرتع للحيوانات والزواحف حتى ظن أن هذا من الأمور الطبيعية التي ينبغي الاعتياد عليها، ومن هانت عليه نفسه فهو على غيره أهون.

لهذا أقول بأن سد النهضة ومآلاته المُدمرة هو عقوبة جماعية

للشعب الذي يكره بعضه بعضا ويتهم بعضه بعضاً بالإرهاب
للشعب الذي فقد البوصلة ودخل مرحلة التيه
للشعب الذي لم يتعلم كيف يحل خلافته بالحوار والصندوق
للشعب الذي يعيش في حاضرا يُناقض ماضيه العريق وما يستحقه من مستقبل واعد
للشعب الذي تلاعب بمستقبله واستخدم السد في صراعه السياسي الداخلي لانتصار فصيل على آخر.

والنتيجة هي ما يعيشه الشعب اليوم من كارثة يبدو أنه لم يُدرك حجم الورطة فيها بعد

فجاءت حلقة أمس الأربعاء من برنامج “بلا حدود” على قناة الجزيرة بتاريخ (2020/6/10) والذي تناول فيها الإعلامي جلال شُهدا أزمة سد النهضة بجوانبها التقنية وأبعادها السياسية والديمغرافية، وهواجس مصر والسودان ووجاهة حجتيهما، وفرص التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.

والتي أدعو كل مصري مؤيد أو معارض لأن يُنحي فها خلافه السياسي، وأفكاره الأيديولوجية، والدينية والحزبية، وتوجهاته الفكرية، ومواقفه السياسية من النظام "مع أو ضد" ليقدم مصلحة الوطن ومستقبله على أي مصالح سياسية أو حزبية أو فئوية ضيقة سُرعان ما ستضيع في المُستقبل البائس لن ينجو فيه أحد.

ليشاهد هذه الحلقة من البرنامج والتي حملت عنوان: أزمة سد النهضة.. إلى أين؟

ليشاهد الحقيقة العارية المجردة من المساحيق أو التزييف أو التزوير لها أو التدليس التي يقوم بها الإعلام المُضلل لتحقيق أغراض سياسية بحتة لا تمُت لمصالح الشعب المصري حاضره ومستقبله بأي صلة.
وهنا أقتبس بعض أهم ما جاء في هذه الحلقة التي شارك فيها الدكتور أحمد المُفتي أستاذ القانون وخبير في الاتفاقيات المائية السوداني وعضو اللجنة الدولية لسد النهضة والذي صرح تصريحات خطيرة كان منها:

(1) المفاوضات التي تُعقد بخصوص سد النهضة عبثية وفاشلة بامتياز.
(2) إثيوبيا تتصرف بإرادة مُنفردة وهي تجمع مصر وإثيوبيا ليُعطيانها الشرعية.
(3) إثيوبيا أرادت أن يستمر تشييد السد أثناء التفاوض وبغض النظر عن مُخرجات عملية التفاوض.
(4) وهذه إشارات واضحة جداً بأن إثيوبيا تتصرف بإرادة منفردة وإنما هي تجمع مصر والسودان لإعطائها ذلك التصرف "غير القانوني"، لتعطيها الشرعية.

وبعد أن استمع جلال شهدا مقدم البرنامج لهذه التصريحات الخطيرة تدخل (مُندهشاً) وهو يقول مُكرراً: غابت هذه الجوانب عن مصر والسودان يا دكتور، كيف تغيب هذه الجوانب الأساسية التي تفضلت بها؟

فرد الدكتور أحمد المُفتي مُتعجباً: والله هذا السؤال لم أجد له إجابة، لأنه واضح وضوح الشمس!!
ما في دولة على نهر مُشترك، تقيم أي مُنشأة مائية ما لم تُعطي إخطاراً مُسبقاً لدولتي المصب، ولكن الذي حصل إن إثوبيا أكملت دراستها وتوقيع العقد في العام 2013 بل ووضعت حجر الأساس في إبريل 2011 ولم تخطر مصر والسودان إلا في مايو من العام 2015.

ثم بعد ذلك طلبت عدم توقف التشييد وعدم الالتزام بمخرجات اللجنة الفنية الثلاثية التي اقترحتها.هذا أمر واضح لأي أحد لديه أدنى حد من الخبرة، وأنا وصفت هذه المفاوضات وقتها بأنها عبثية، واليوم بعد الجولة الثالثة لا يوجد لدي شيء أقوله عنها سوى بأنها عبثية.

ولهذا قبل هذه الجولة اقترحت بأنه لابد من "وقف التشييد ومن وقف الملء" لأن هذا يعني جدية المفاوضات لكن بخلاف ذلك فالمفاوضات ستكون عبثية وهذا واضح الآن.

الدكتور محمد مختار الشنقيطي أستاذ الأخلاق السياسية يقول: بأن القيادة المصرية والسودانية لم يكن لديهما أي نوع من التخطيط الاستباقي لمواجهة مخططات إثيوبيا ذات التأثير الهائل على مصير الشعبين.

ومن الواضح أننا نعيش واقع فيه نوع من انزياح القوة من شمال النيل إلى جنوب النيل، أو من شمال غرب إفريقيا (مصر) إلى جنوب غرب إفريقيا(إثيوبيا) إثيوبيا الآن دولة صاعدة قوية مزدهرة، ومصر دولة مُتراجعة تُعاني من أزمة داخلية وانحسار خارجي.

أنا أقول إثيوبيا اليوم هي مصر عام 1968 عندما كانت مصر تبني سد أسوان مثلاً، وكان لها ذلك الوزن والتأثير في إفريقيا وفي العالم الثالث، ولديها أحلاف دولية قوية وقفت معها ووقف معها الاتحاد السوفيتي، فوضع إثيوبيا اليوم يُشبه وضع مصر في الستينات، والعكس بالعكس، ولذلك اتفهم من الناحية الاستراتيجية للأسف النتائج التي توصلت إليها الأمور اليوم.

جلال شُهدا: وإن كان ليس هذا الموضوع اليوم ولكن هذه نقطة مُهمة، هل لك أن تذكر لنا بعض الجوانب التي تدعم ما تتفضل به وتقول بأن مصر اليوم ليست مصر الستينات وبالتالي إثيوبيا تجرأت على فعل هذا لأنها تشعر بأن مصر تغيرت ما هي الجوانب الأساسية في هذه النقطة؟

(1) أول جانب هو أن مصر لم يعد لها التأثير في القارة الإفريقية عملياً، بينما في الستينيات كانت قائدة في العالم الثالث في إفريقيا وفي أسيا لا ننسى أن دول حوض النيل هي 11 دولة تسع منها ليست دولاً عربية، مصر إن لم يكن لديها تأثير في القارة بشكل عام فإنه لن يكون لها تأثير وقوة سياسية ودبلوماسية تكفي للموازنة مع إثيوبيا مع صعود إثيوبيا.

(2) القضية الثانية وهي الأهم بتقديري وهي أزمة الشرعية السياسية في مصر والتي جاءت مُتوازية مع بداية تأسيس السد عام 2011، فجاء السد في وقت الثورة المصرية، في وقت فيه اهتزاز، وعندما انقلب السيسي - ضابط المُخابرات العسكرية الأسبق - كان همه الأهم، هو اكتساب الشرعية السياسية، وكان قد عُلقت عضوية مصر في الاتحاد الإفريقي كما نذكر، فكان السيسي أولوياته هو استعادة مكانة مصر في الاتحاد الإفريقي، أو على الأصح استعادة شرعيته في نظر الاتحاد الإفريقي، وأعتقد أن إثيوبيا قد استفادة من نقطة الضعف هذه والمُتعلقة بالشرعية السياسية.

وأسباب أخرى كثيرة جعلت موقف مصر تحديداً موقف أضعف، وإن كان السودان أيضاً يمر بأزمة سياسية، وربما يُشبه مصر من بعض الوجوه في هذا.

جلال شُهدا: دكتور- أحمد المفتي- هل يبدو لكم أن الخيار العسكري إحدى الخيارات المطروحة بالنسبة لمصر؟
دكتورأحمد المفتي: في تقديري إنه إن رفضت إثيوبيا إيقاف الملء إلى حين الاتفاق، الخيارات أمام مصر والسودان هي: الاستسلام المُطلق أو المواجهة.

والمواجهة تأخذ أبعاد كثيرة نهايتها هي المواجهة العسكرية، وفي تقديري لا يوجد أي شك أن مصر والسودان لن يقبلوا بالاستسلام وأن المواجهة ستكون بمعناها العريض، والتي قد تنتهي بالمواجهة العسكرية، وإذا لم تفعلا، الشعوب في المنطقتين أو ما يلمسوا الأضرار يضغطوا على الحكومتين للدخول في المواجهة.

لأن الشعوب ستشعر بضرر مباشر، وأنا أعتقد أن المواجهة قادمة 100%، وأنا أتفق مع البروفسير شنقيطي بأن إثيوبيا لديها استراتيجية تتحرك من خلالها، في ظل غياب استراتيجية لدى الجانبين السوداني والمصري.

إثيوبيا تتفاوض بسياسة حافة الهاوية وهي في هذه الحالة قد تكسب 100% وقد تسخر وتكون الخسارة كبيرة جدا.
الدكتور أحمد المُفتي يتعجب ويقول: إن تصريح ملء السد جاء من الرئيس الأثيوبي ومن يُناقشه هما وزراء الري، ولا يناقشه رؤساء الدول- أي لا يوجد رد مماثل على مستوى رؤساء الدول في مصر والسودان-، الكروت كلها الآن في يد إثيوبيا، السودان ومصر الآن ليس عليهم سوى الاستسلام أو المواجهة.

الخلاصات هي:

لقد تم التوقيع على وثيقة التنازل عن النيل لإثيوبيا في إعلان المبادئ 2015 مقابل اختيار قامت به الدولة المصرية في 2013، عندما تدخلت في الأزمة السياسية في ذلك الوقت و انحازت لطرف دون طرف.

هذا الاختيار والانحياز الذي حدث بالتنسيق والتعاون مع القوى المدنية، وفرح له البعض ولازال يُدافع عنه كان له ثمن لم ينتبه إليه أحد.

ومع الأسف الشعب وحده هو من سيدفع الثمن، ويبدو أنه ليس ثمناً واحداً بل أثمان دُفعت وستُدفع كاملة غير منقوصة.

إزاحة فصيل سياسي وتدمير الصناديق التي شاركت في عملية ديمقراطية تمتعت بالنزاهة بشهادة العالم أجمع لن يمر دون ثمن والثمن أفدح مما كان يظن بعض المُغرضين الحاقدين والفاشلين مما يُسمى بالتيار المدني.

رحم الله الفنان عزت أبو عوف عندما حذر من 30 يونيو وتداعياتها على مصر، كان له رؤية وطنية وحس وطني عال دفعه لتقديم هذه النصيحة على الهواء مباشرة.

فليُزاح أي فصيل سياسي بالصندوق بعد أن تكتمل مدته، ولكن الازاحة بالصورة الهمجية التي أحدثت سيولة سياسية قفز عليها البعض مدعوماً من المؤسسات التي رفضت الانصياع لإرادة الشعب وللديمقراطية فكانت النتيجة أننا أصبحنا لدينا حالة من حالات الانفصام عن القوة

لدينا جيش هو واحداً من أقوى جيوش العالم على مستوى العدد والتسليح والقدرات ولكننا لدينا حالة من الضعف السياسي الشديد ظهرت في التصريحات السياسية الغريبة

ففي التصريحات السياسية للداخل المصري وعند الحديث عن الدستور: يقال بأن الدستور"2014" كتب بنية حسنة، والنوايا الحسنة لا تبني دولاً.

وفي السياسة الخارجية نجد استخدام استخدام للقسم، فيتم الطلب من رئيس وزراء إثيوبيا بأن يُقسم بأنه لن يضر مصر ثم يضحك الجميع، ويضح الإعلام، ويضحك الشعب.

ولكن الحقيقة أن كل ضحك العالم على هذه الكوميديا السوداء لن تُغير من الواقع شيئاً، ولن تُخفف من الآثار الكارثية الحتمية التي سيواجهها الشعب المصري وأخيه السوداني بطبيعة الحال.

نعم لدينا جيش من أقوى جيوش العالم

ولكن ما فائدة هذا الجيش وكل هذا السلاح إن لم يكن رادعاً لأي دولة تعتدي على حقوقنا التاريخية، وتهدد أمننا القومي، بل وأمننا الوجودي لعقود ومئات السنين؟
إن تراجع الدور المصري على مستوى المكانة والقدرة على الفعل في الإقليم هو نتيجة لحالة الضعف السياسي والدبلوماسي أمام جميع دول المنطقة، وهذا الضعف هو نتاج عن:

(1) ضعف الشرعية السياسية
(2) الانقسام المجتمعي الحاد
(3) ضعف الإنتاج وعدم الاهتمام بتطويره
(4) التراجع الاقتصادي وزيادة الديون التي وصلت لمستويات غير مسبوقة.
(5) أحاديث عن بيع أصول الدولة، وتراجع الزراعة بسبب تراجع الرقعة الزراعية وقلة المياه.
(6) تغييب المعارضة السياسية الوطنية التي تستطيع أن تلعب دور الناقد للمساعدة في ترشيد المسيرة - مع سبق الإصرار-.

وكان من الآثار الأخرى التي كانت نتيجة لكل ما سبق هو:

(1) تنازل مصر عن مساحات من حقوقها في موارد الطاقة المتوقعة في شرق المتوسط.
(2) اضطرارها للدخول في أحلاف إقليمية ضمنها (دولة الاحتلال الصهيوني) بالمُخالفة لمصالح الشعب المصري وحقوقه الثابتة والتاريخية وثرواته في المنطقة.
(3) خسارة مصر لمواقع استراتيجية حيوية وحساسة مثل جزر تيران وصنافير.

الأمر الذي أصبح له تداعيات واضحة وغير مسبوقة على حاضر ومستقبل الشعب المصري، الذي كما قلنا سيدفع وحده الثمن على كل هذا، مما يعني وصول مصر لحافة الانهيار في لحظة فارقة من التاريخ، في ظل حالة من حالات الإرهاب السياسي والإعلامي غير المسبوق والذي تراجعت على إثره كل الأصوات الوطنية التي تمثل كلا التيارين الرئيسيين في مصر (الإسلامي بجماعته والعلماني بأحزابه).

هذا كله ليس حصراً لهذه التداعيات، فما يحدث في سيناء اليوم من تفاقم للإرهاب الدامي الذي تعيشه سيناء الحبيبة على أيدي الإرهاب، ما هو إلا نتيجة للعقلية التي تُدير البلاد خوفاً على النظام لا على الشعب ، ذلك الإرهاب الذي كان محتملاً قبل تغيير النظام السياسي في العام 2013 ثم أصبح واقعاً أسوداً تعيشه مصر وتخسر فيه خيرة شبابها أمام حفنة من الإرهابيين القتلة، مع الإصرار على الحلول الأمنية والعسكرية على حساب الحلول التنموية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والتوعوية التي تحتاجها سيناء للخروج من دائرة الإرهاب الدامي.


Share:

ترجمة جوجل - Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

حكمة اليوم ..

"أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة" مارتن لوثر كينغ

أضـــواء وتوجهـــات

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

المشاركات الأكثر مشاهدة

مسميات

وجهة نظر ثورة 25 يناير 2011 الانقلاب ليس فتنة وإنما هو اعتداء على الشرعية أحاسيس وطنية كلام في السياسة رؤية تحتاج إلى إعادة نظر الثورة السورية ضد بشار الأسد من ثقافتنا الإسلامية الثورة المصرية الانتخابات المصرية بعد 25 يناير كلمات في الديمقراطية الثورة الليبية ضد القذافي الدكتور مرسي الرئيس مرسي مفاهيم غائبة الأمن القومي ومعلوماتية الثورة الانقلاب هو الارهاب الرئاسة المصرية سلوكيات إسلامة مشاركات فيسبوكية استقصاء الخروج في الانتخابات المصرية الأمن القومي الثورة برلمان الثورة 2012 ثورة 25 يناير 2013 رؤية ساخرة مفاهيم إسلامية مفاهيم عامة #غزة_تقاوم #العصف_المأكول أفكار وأخطاء يبغي أن تُصحح الإسلام الإسلام والغرب الإعلام الشرطة المصرية المبادرة المصرية لحل الأزمة السورية المعارضة الوحدة الوطنية ثقافة إسلامية جبهة الانقاذ جولة الإعادة دعاء الثورة للمظلومين رؤية حول الإعلام سفاسف إعلامية ميدان التحرير أضحوكة العالم أقوال المستشرقين عن الإسلام أم الشهداء أمريكا، حفل تنصيب الرئيس الأمريكي، الديمقراطية، إيمانيات استخبارات استفتا الدستور الانقلابي استفتاء الدستور استفتاء الدستور الانقلابي الأفكار الإخوان المسلمين الإعلام الأمني الإعلام الفاسد الإعلام المصري الانتخابات 2013 الانتخابات الأمريكية، بارك أوباما الانقلاب العسكري البنك الدولي التغيير الثورات العربية الثورة المضادة الحرب على غزة 2012 الحركات الثورية الحرية الداخلية الرئيس مرسي الأول الرئيس مرسي والسيسي الرد على الآخر الرضى السفارة المصرية السياسة والثورة، مصر، ثورة يناير، الإسلاميين، الإخوان، الشعب، النظام، الثورة المضادة. السيسي السيسي واليهود السيسي وغلاء الأسعار الشعب المصري الشعب المصري. العسكر عندما يتحدث للغرب الفريق شفيق القضاء المصري القيادة المصرية واستعادة القوة الناعمة الليبرالية العربية المرشح الديمقراطي المشاركة في انتخابات البرلمان 2013 المقاطعة الاقتصادية والعزل السياسي النوم الهجرة الهوية الوسطية انتخابات الرئاسة المصرية بورسعيد بي بي سي بُرهاميات تحذير أخلاقي تحرير تحليل تصريحات تحية وتقدير تصريحات العسكر تصريحات ساويرس تطبيق الشريعة الإسلامية تطهير القضاء تغريدات مصرية تفوق مرسي على شفيق في دولة الكويت تناقضات حزب النور ونادر بكار تويتر حادث رفح حزب الدستور د.أبو الفتوح دروس دستور العسكر والكنيسة رابعة رومني سد النهضة، مصر، السودان، إثيوبيا، الجزيرة، بلا حدود، تيران وصنافير، سيناء سليم عزوز- مرسي شهداء ثورة يناير شير فترة الولاية الثانية فض الاعتصام في مقاصد الدستور والقانون فيسبوك كلام في الاقتصاد والسياسية كومنت لايك متابعين مرسي مشروع المليون فدان مصر مصر أصيلة مصر بحاجة إلى نخبة جديدة مصر_دستور_يا_سيادنا معركة الوعي مقال من النوايا الالكترونية من قيم المجتمع هشام جنينه ‫#‏فاكرين_أيام_حكم_مرسي‬

الأرشيف