كلُ يأخذ منه ويرد .. يا أستاذ هيكل
القرأءة الصحيحة للأحداث لا ينبغي أن تكون بعيون غربية أو توجهات نفسية ولكن قرأءة مصرية 100%
كتبه / محمد صلاح الدين – الاثنين الموافق 21 فبراير 2011
· ما نأخذه من الأستاذ هيكل هو التحليل السياسي والاستشرافي
إن ما ذكره الأستاذ محمد حسنين هيكل على الفضائية المصرية والتي طل على الجمهور العربي من خلالها لأول مرة بعد سنوات طويلة بسبب اختلافه مع النظام السابق ومع كامل تقديرنا لشخصية هامة بحجم ووزن الأستاذ هيكل كمفكر معني بالتحليل وعلم المُستقبليات ومع اتفاقنا مع جل ما طرحه حول الرئيس المصري السابق ووجود ثورة مضادة أو على الأقل محاولات لاحتواء الثورة المصرية والحد من نتائجها السريعة التي أفقدت الجميع في الداخل والخارج توازنهم وجعلتهم يلهثون وراء محاولاتهم المضنية للحاق بها دون جدوى نتيجة الحيوية المدهشة التي تمتعت بها مقابل الجمود والوهن والبطئ من النظام العجوز والمجتمع الدولي الفاسد الذي أصابته صدمة الزلزال الثوري العربي الذي ضرب في تونس ثم في مصر وانتشر ليصب العديد من الدول العربية الأخرى مثل ليبيا بين المختار واليمن السعيد وغيرها من البلدان العربية الأصيلة التي تسعى للتحرر من الاستفساد الذي استفسدها لعقود طويلة.
· أما ما نرده على الأستاذ هيكل هو قياسه غير الدقيق خوفه غير المبرر من الدين " الدينفوبيا "
إن ماذكره الأستاذ هيكل عن قلقه و خوفه على الثورة ببقاء الرئيس مبارك في شرم الشيخ والاتصالات المشبوهة التي تتم في الداخل والخارج هو في محله تماماً ونشاركه جميعاً القلق بل الخوف أحياناً داعين الله أن يحمي الثورة المصرية ويوجهها لما فيه خير المصريين والعرب والمسلمين في كل مكان ، وهذا يتطلب منا الاستمرار في حالة الاستنفار النفسي والذهني والبدني استعداداً لكل الاحتمالات واستمرار الضغط الشعبي على المجلس العسكري وحكومة النظام البائد للاستجابة لمطالب هذا الشعب العظيم.
وهذا قلق وخوف محمود لك يا أستاذ هيكل ولكن الخوف والقلق الغير محمود هو خوفك من الدين والتدين فحديثك عن التشابه بين عودة القرضاوي وعودة الخميني إبان الثورة الإيرانية هو قياس فاسد بكل المقياس حيث لم يستطع الأستاذ هيكل من الفصل بين ما لديه من فوبيا الدين والتدين وسيطرة الصورة النمطيةعلى المنطق التحليلي للأحداث في حين رفض عقله قبول الصورة الجديدة للدين والتدين الذي ظهر للعالم في ميدان التحرير التدين بأسمى صورة التدين الذي يقبل الأخر مسلم كان أو مسيحي ،التدين الذي يضحي بحياته من أجل وطنه، التدين الذي يريد ويعلن دولة مدنية وليس دينية ، التدين الذي ينادي بالحرية والعدالة الاجتماعية في إطار من المحاسبة والمسئولية ، التدين الذي يحترم الإنسانية والإنسان ويرفض الذل والامتهان ، التدين القائم على النظافة والجمال وما قاله عنا الغرب حتى الأن يكفي ويفيض.
إن رفض الأستاذ هيكل لعودة فضيلة الإمام الأكبر " أمنية عفوية في نفسي " وتصحيحاً: فضيلة الشيخ الدكتور العلامة لمصر في هذه الفترة و تشبيهه له بعودة الخميني إبان الثورة الإيرانية هو مغالطة كبيرة للأسباب التالية :
1- لقد كان الخميني زعيماً للمظاهرات المتقطعة في إيران ورمزاً للثورة وهو ابن الثمانين عاماً ولكن القرضاوي وإن كان أبن الثمانين أيضاً ولكنه كان أحد العلماء الشرفاء الذين أيدوا الثورة ودعموها.
2- إن الثورة الإيرانية شهدت استخداماً مفرطاً للسلطة والقوة والقمع وتطهير للزعماء المعارضين للسلطة الدينية ، وهذا ما لم ولن يحدث في مصر لاختلاف الشخصيات بين شخصية الخميني شخصية رجل الدين الكهنوتي الذي يحمل فكرة عنصرية طائفية ، وشخصية العلامة القرضاوي العالم التنويري الذي يحمل الإٍسلام الحضاري الذي يقبله المسلم والمسيحي حتى أنه قد رحب به من كثير من أقباط مصر المحترمين عقب دخوله لمصر أمناً.
3- كما إن الخُميني قد سب شخص الشاه واتهمه بأنه " رجل بائس وسيئ" ، بينما انتقد الإمام القرضاوي نظام مبارك متهماً إياه بالغباء وليس مبارك نفسه كما أنه دعاه للتنحي حفاظاً على أمن مصر وشتان بين من يُشخصن الفكرة وبين من يركز عليها.
4- أن الشعب الإيراني قاد المظاهرات والمصادمات على أثر اعتقال الخميني قبل نفيه في العام 1964، ولكن في مصر لقد عاد العالم الجليل بعد أن تكللت الثورة بالنجاح وجاء ليشارك أهله وشعبه فرحته ولم تحدث أية مصادمات لشخصه لا قبل الثورة أو أثنائها أو بعدها.
5- إن الخميني كان له فتاواه الخاصة بالحكم وضرورة ولاية الفقيه وقيادة رجال الدين للحكومة في إطار تطبيق الشريعة، أما القرضاوي فهو يرى أن الحرية أهم وأولى من تطبيق الشريعة.
6- إن الثورة الإيرانية بنيت على معتقدات دينية كهنوتية طائفية قامت على المصادمات الدامية ، أما الثورة المصرية فقد عبرت عن نفسها منذ اللحظة الأولى بشعار: تغير ،حرية ،عدالة اجتماعية وبأساليب إبداعية سلمية غاية في الحضارية.
وبعد ولكل ماسبق نطمئن الأستاذ هيكل وكل من يساوره أحاسيس الشك والارتياب والخوف من الدين والتدين إن مصر أثبتت أن بها شعب مُتدين بالفطرة ومن يحاول أن يغير هذه الفطرة ليجعلها فرعونية تارة أو علمانية أخرى فسيجد العفوية والتلقائية المصرية تقول له صيحي صيحي صيحي أنا أبنك مسلم ومسيحي.
هذه هي القراءة الصحيحة لعودة الدكتور العلامة القرضاوي ولنظرة الدين والتدين لدى الشعب المصري بما فيهم الفزاعة السابقة الأخوان المسلمون المسالمون الذين انحازوا للوطن وليس للجماعة كما كان يحلوا للبعض أن يتهمهم .
اللهم أحفظ مصر وشعبها العظيم واحفظ بلاد العرب والمسلمين اللهم أمين
اللهم ونصر الثورة الليبية وثبت الثورة المصرية والتونسية وقيد لهما المخلصين يا رب العالمين
0 التعليقات:
إرسال تعليق