سحابة النظام و لهيب الثورة

سحابة النظام و لهيب الثورة

كتبه / محمد صلاح الدين – مصري مغترب عن المحروسة 9/2/2011

شعب عظيم في  من بروج السماء

إن لكل أرض سماء ولكل سماء سحاب يمر به يعبر الأرض وقد يُسقط الخير على هذه الأرض فتزدهر وتزهر هذا هو دور السحاب ومن لا يُسقط منها قطراته فإنه يمر مسرعاً لأرض أخرى ولكن سحابة النظام المصري مرت على مصر فحجبت شمس الحرية التي ظلت تبحث عن مصر منذ العام 81 وحتى العام 2011 ، وظل الشعب يفترش الأرض ويلتحف السماء وهو ينتظر أن تذوب تلك السحابة السميكة الغليظة التي لا تمر ولا تذوب إلى أن ألهم الشباب جموع الشعب المصري الذي ألهب الأرض وأشعلها حتى وصل لهب الشعب إلى عنان السماء فأخذت سحابة النظام في الذوبان الهوينة الهوينة وسادت من سرعتها حتى أنها كادت تمر وهي تذوب وتتبخر في السماء.

إن لهيب الثورة الشعبية المصرية قد أذاب تلك السحابة الكثيفة التي استمرت ثلاثين عاماً من السلبيات وأذابتها من كل جوانبها حتى شعر معها المصريين لأول مرة بالحرية تلوح في الأفق القريب ،

لقد أظهر الشعب المصري أجمل ما فيه وكأنه قد تغير بين عشية وضحاها فسبحان المغير الذي لا يتغير أو كأنه شعب خرج من باطن الأرض أو نزل من بروج السماء ، فلقد أظهر الشعب معدنه الأصيل ليقول للعالم أن المنطقة ولد لها شعباً جديداً سيتولى زمام المعادلة التي أسهم النظام في بقائها ضد المصالح الوطنية ، وليس بالضرورة أن يكون النظام الجديد لمصر العظمى الجديدة معادياً للولايات المتحدة ، بل على العكس ستظل المصالح تجمع الدولتين ولكن على أسس جديدة مبنية على السيادة الوطنية والاحترام المتبادل والندية كما أنه بالتأكيد لن يكون تابعاً بل يتعامل باستقلالية وفق أجندة وطنية وعربية وإسلامية خالصة فيها نصرة للشعوب المقهورة والمظلومة في المنطقة والعالم.

مبارئيل ودن من طين وأخرى من عجين

وعلى الجانب الأخر نجد أن رأس النظام المصري الذي أفسد مصر وفق خطط ممنهجة ، والذي تجاوز الثمانين من العمر قد عاد إلى الطفولة مرة أخرى فهو يعند عناد الأطفال ويظهر رغباته الأولية في التملك دون إخفاء الأمر الذي زاد من معارضيه بل كارهيه ثم امتزجت الكراهية بالسخرية والاستهزاء في شعب مؤمن يقدر الكبير ويوقره إلا أن أفعال مبارئيل العنيفة والدامية خاصة ليلة الأربعاء الدامي  أجبرت الشعب على التعاطي معه بهذه الصورة المُهينة لأنه لا يرى سوى هذه الطريقة الوحيدة للتعبير عسى أن تصل الرسالة لمن لديه كان لده حس أو ألقى السمع وهو شهيد ولكنه كما يقال في المثل المصري " ودن من طين وأخرى من عجين " كالعادة ، مع أنه لو كانت لديه تقديرات سليمة منذ البداية لأدرك أنه ونظامه أمام ثورة قلما تحدث في التاريخ لذا فإن أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذه التحركات والثورات الشعبية بذكاء هو الاستجابة الفورية دون تأخير لمطالب الشعب بالرحيل ولو فعلها مبارك " طبعاً ضمن خطاباً عاطفياً " لحفظ لنفسه ماء الوجه ، وأبقى على تعاطف الملايين معه وترك الشعب المصري بين المؤيد والمعارض ولعزف السلام الوطني وخرج الخروج المشرف ولكنه أبى فاستحق ما استحق من الإذلال والمهانة هو وأسرته ونظامه وكأن الزمن يكأفئ الشعب المصري الصبور ويعطيه الفرصة لرد الإهانة ليس للتشفي أو الشماتة ، لا فالشعب المصري أكبر بكثير من ذلك ولكن رد المهانة هنا يأتي في إطار رد الدين فمن يحصد المهانة يحصد معها الذل والإنكسار ومن يزرع الكرامة يحصد معها التقدير والاحترام واليوم يحصد مبارئيل ونظامه ما زرعوه في مصر طيلة ثلاثين عاماً حفلت بمختلف أنواع انتهاك حقوق الإنسان لذا لا كرامة اليوم إلا كرامة الشعب ولا عز إلا عز الشعب ولا نصر إلا للشعب ولا مهانة وخزي وهوان إلا لمبارئيل ونظامه.

فلترحل اليوم قبل الغد لأن رصيدك قد نفذ وكل محاولات الشحن من الداخل والخارج ( بالحورا أو الإعلام أو المساندة الدولية ) لن تجدي نفعاً السيم كارد قد احترق ولن يتم استبداله لأن الشركة المصرية قد أغلقت وقررت تغير تلك الشرائح بشراح جديدة مصنوعة بأيادي أكثر وطنية شابة قوية.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

اللهم أحفظ مصر وأهلها وتونس وأهلها والشعوب العربية الحرة جميعاً