لماذا رفضت ألمانيا طلباً يونانياً بتجميد بيع 6 غواصات لتركيا؟
بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه
أعتقد أن اليونان قد أُصيبت بصدمة عندما تلقت الرد الألماني على طلبها بعدم إتمام صفقة تسلم عدد 6 غواصات ألمانية متطورة لتركيا لأنها ستخل بالتوازن الاستراتيجي في شرق البحر المتوسط بحسب الرؤية اليونانية ولكنها ستدعم مشروع الوطن الأزرق الذي يسعى الأتراك لحمايته كجزء لا يتجزأ من الأمن القومي التركي للمحافظة على حقوق وثروات الشعب التركي في ثروات تلك المنطقة.
بدأ الموضوع عندما طلب وزير الدفاع نيكوس باناجيوتوبولوس من نظيرته الألمانية أنغريت كرامب كارينباور تعليق بيع عدد 6 غواصات ألمانية الصنع إلى تركيا ، بحسب ما أفاد موقع إخباري يوناني يوم الخميس الماضي، لكن سلطات الدفاع الألمانية رفضته.
فكيف بررت ألمانيا رفضها للطلب اليوناني؟
لقد ذكرت صحيفة "بروتو ثيما" اليونانية في مقال أن باناجيوتوبولوس قدم الطلب إلى الوزير الألماني يوم الأربعاء خلال عبر الهاتف.
وفقًا لـ للصحيفة اليونانية فقد بررت الوزيرة الألمانية ذلك بقولها: "لا يمكن إيقاف برنامج بناء وبيع الغواصات الست من النوع 214 لتركيا - أو حتى تأخيرها - لأن شركة البناء ملزمة بالعقود الموقعة منذ عام 2002."
وأضافت الصحيفة أن الوزير اليوناني قال إن البيع سيخل بالتوازنات في شرق البحر المتوسط.
وقال البيان الرسمي في المكالمة الهاتفية لوزارة الدفاع اليونانية إن باناجيوتوبولوس أطلع نظيرته الألمانية بالتفصيل على وجهات النظر اليونانية المتعلقة بمسائل الأمن والاستقرار في المنطقة الأوسع.
الجدير بالذكر هو أن ألمانيا قد لعبت دور الوسيط خلال نزاع شرق البحر المتوسط ورفضت في السابق طلبات من اليونان لمعاقبة تركيا.
وعارض وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الشهر الماضي مطالبة اليونان بفرض حظر أسلحة على تركيا وسط التوترات المستمرة.
وقال ماس ، متحدثًا لدويتشه برس أجنتور (د ب أ):
"لا أجد مطلب حظر الأسلحة ضد تركيا صحيحًا من الناحية الاستراتيجية. ليس من السهل القيام بذلك ضد أحد شركاء الناتو. رأينا أن تركيا حليفة الناتو اشترت بسهولة صواريخ من روسيا لأنها لا تستطيع الشراء من الولايات المتحدة "
كما أعرب الوزيرة الألمانية عن أملها في حل الخلافات في شرق المتوسط عبر القنوات الدبلوماسية.
نعم هذه التبريرات الألمانية لرفض الطلب اليوناني:
(1) أن طلب حظر الأسلحة ضد تركيا ليس صحيحاً وفق الرؤية الألمانية لأن ألمانيا ترى أن تركيا جادة في صناعة احتياجاتها وأنها بذلك ستخسر الحليف التركي وصفقاته الكبيرة التي تقدر بالمليارات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي بما في ذلك ألمانيا.
(2) أن تركيا ليست دولة صغيرة عاجزة عن تنويع مصادر سلاحها فلديها بدائل حقيقية وقد أثبتت تركيا جديتها عندما يتعلق الأمر بالأمن القومي التركي لدعم الجيش التركي وسد احتياجاته بإتمامها لصفقة إس 400 رغم المعارضة الشديدة الأمريكية والأوروبية والعقوبات التي تعرضت لها ومنها الحرمان من الحصول على طائرة إف 35 الشبحية وبالخروج من البرنامج ولو مؤقتاً.
الخلاصة هي أن ألمانيا القائد الفعلي للاتحاد الأوروبي والشريك الرئيسي للولايات المتحدة الأمريكية في المعكسر الغربي لا تُريد ابتعاد تركيا أكثر عن الحلف الغربي لما لتركيا من تأثير وقوة استرايتجية على الصعيد الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي على حد سواء.
وهو ما يثبت قوة ونجاعة السياسية التركية التي توازن وتزاوج بدقة ومهارة شديدة بين الدبلوماسية الخشنة والهادئة، وأنها المُتحكم في عيار التوتر فهي تقوم بالتصعيد عندما يكون التصعيد لصالحها، وتقوم بالتهدئة عندما تكون التهدئة في صالحها.
وهي بذلك تثبت أن لديها القوة والقدرة على اللعب وفق القواعد وتغيير تلك القواعد بقوتها الذاتية إن رأت أن تلك القواعد ستضر بمصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي ومستقبل الشعب التركي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق