في ذكرى ثورة 25 يناير .. أعظم ثورة سلمية عرفها التاريخ الإنساني على مر العصور
بقلم/ محمد صلاح الدين عبد ربه
رُغم عصابة الثورة المضادة المتصهينة التي وظفت حثالات واستغلت وخدعت الكثير من أبناء الشعب الذي غررت به نخبة سياسية فاسدة طمعت في السلطة وفرطت في الثورة بتحالفها مع العسكر فشاركت في الثورة المضادة والانقلاب المدني "العلماني" الذي تجلى في 30 يونيو 2013 بتواطؤ من كافة قطاعات ومؤسسات الدولة التي يتحكم بها الجيش من قبل الثورة وأثناءها وبعدها وحتى هذه اللحظة.
البعض يقول بأن الإخوان تحالفوا مع العسكر كما تحالفنا لتتساوى الرؤوس وتنتهي الأمور.. وهذا لعمري تدليس ما بعده تدليس من البعض وقياس مع الفارق من البعض الآخر..
فإذا سلمنا جدلاً بأن الإخوان قد تحالفوا مع العسكر على حساب الثورة عقب ثورة 25 يناير 2011 فنقول لهم مايلي:
(1) هذا إدعاء كاذب لتبرير استدعاء العسكر وجريمة المشاركة في الثورة المضادة والانقلاب العسكري الدموي على الثورة والثوار وتسليم مصر لدول إقليمية تابعة للكيان الصهيوني ، وإفقارها وإفقادها مواردها الاستراتيجية للسيطرة عليها حتى إذا سقط النظام.
(2) أن العبرة بالنوايا والنتائج وليس بالتفسير والتحليل، فلا يوجد لدى من يدعي بتحالف الإخوان والعسكر أي دليل على وجود هكذا تحالف، بينما الأدلة على وجود ترتيبات ترتقي للمؤامرة على الثورة والشرعية أكثر من أن تُحصى.
فعلى سبيل المثال..
الإخوان رفضوا وثيقة السلمي التي أرادت أن تجعل الجيش دولة فوق الدولة بما يُسمى - المبادئ فوق الدستورية -.. وكذلك رفضوا أن يكون للجيش وضع مميز في الدستور، بحيث لا يخضع للرقابة من المؤسسات التشريعية والرقابية وهو الأمر الذي ساهم في التعجيل بالانقلاب على أول رئيس مدني منتخب. وحسب أول رئيس مدني منتخب رحمه الله تعالى أنه أعطى رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الصلاحية الكاملة للتدقيق على مؤسسة الرئاسة لأول مرة في التاريخ منذ انقلاب 1952.
كذلك فإن تحالف الإخوان والعسكر (على حد زعم من يزعم) قد أسفر عن خمس استحقاقات دستورية، لأن النية كانت إعادة بناء المؤسسات الدستورية واستلام الشرعية من المجلس العسكري حتى لا يحدث فراغ دستوري يستمر فيه العسكر بالحكم بإعلانات دستورية.
فإذا كان الإخوان قد تحالفوا مع المجلس العسكري فقد كانت نيتهم حسنة، بمنح العسكر فرصة أخرى لإثبات الوطنية وتسلم السلطة للشعب بطريقة دستورية، لا مثلما فعل من تحالف مع العسكر ليقضي على شريكه في الثورة والوطن ليتسلم هو السلطة ويدخل القصر على دبابة وصندوق الرصاص دون ديمقراطية وصندوق الانتخاب.
صحيح أن العسكر قد خدعوا الإخوان، وخانوا الأمانة، وانقلبوا على الدستور والقانون، نتيجة حُسن النية التي وضعها الإخوان فيهم وفي مؤسسات الدولة، لكن هذا الذي حدث، قد أثبت أن هذه الدولة، أصبحت خارج التاريخ، وأنها عصية على الإصلاح وأنها قد عادت إلى طبيعة الحكم الفرعوني القديم قبل آلاف السنين وهو الجمع بين جميع السلطات جميعاً ووضعها تحت سلطة الفرعون العسكري - القائد الأعلى للقوات الفرعونية المسلحة- التي تستعبد الشعب على أرضه.
وهذا هو الفارق الجوهري بين من تحالف مع العسكر، ظناً منه وفيه الوطنية بقدر ما حتى يُمرر استحقاقات وطنية دستورية لتسلم السلطة والشرعية للشعب والثورة، وبين من ارتكب مع العسكر جريمة الخاينة العُظمى.
وأخيراً.. البعض يظن أن كل من ظهر في مشهد 30 يونيو عند إلقاء البيان العسكري لإلغاء العمل بالدستور وكتم الأصوات ووقف الفضائيات واعتقال وحبس كل من له علاقة بالإخوان والثورة هم فقط الإنقلابيون، بينما الحقيقة أن الدولة بمؤسساتها قد انقلبت وهي شريكة كاملة الشراكة في الدماء والأعراض والثروات التي أهدرت والجزر والنيل والحدود التي تم التنازل عنها.
إضافة إلى تدمير الصناعة الوطنية ممثلة في تصفية أكبر شركة من شركات الحديد والصلب في الشرق الأوسط -شركة الحديد والصلب المصرية- بدلاً من تنميتها وتطويرها لأن الثورة المضادة الصهيونية تعلم يقيناً أن شركة مثل هذه ستكون عماد أي نهضة للمستقبل، وبما أن الكيان هو الداعم الأكبر للثورة المضادة انقلاب 30 يونيو فهدفه هو تدمير قوى مصر الاستراتيجية ومقدراتها لذا لم يكن ليترك صرح كبير وعملاق من عمالقة الصناعة المحلية تحت أيدي المصريين.
يعني الخلاصة.. هي من لازال يعترف يُجادل ويصف 30 يونيو بأنها ثورة مثل ثورة 25 يناير هو أحد الأصناف التالية:
1- مُدلس عليم اللسان حاقد على الثورة ويُريد شرعنة ما يحدث من إجراءات ضد الأمن القومي المصري والدولة المصرية وضد الشعب ومستقبل أبنائه.
2- مُتكبر يُدرك حقيقة 30 يونيو ولكنه لا يُريد أن يُقر ويعترف بأنه أخطأ وارتكب جريمة الانقلاب على إرادة الشعب المصري التي تجلت في الشرعية الدستورية التي نتجت عن ثورة 25 يناير.
والآن وبعد مرور عقد كامل على الثورة نجد أن الطموح في دولة دستورية ديمقراطية حديثة قد تبخر ولم يتبقى منه سوى أحلام وأن المعارضة اليوم في أضعف حالاتها ولم تستطع أن تقوم بدورها الوطني والتاريخي للالتفاف والاصطفاف حول "مشروع وطني"، للتحرر والاستقلال من الوكيل العسكري الذي يُدير البلاد لصالح المشروع الصهيوأمريكي وفق أجندة واضحة، بينما المعارضة المصرية ليس لها أي أجندة حتى الآن.
3- أحمق مُطاع صاحب هوى مُتبع لا يُميز بين الثورة والثورة المضادة وهذا أخطر الأصناف لأنه عميل مجاني للصهاينة، وهذا الصنف كالأنعام، يحني ظهره ليُركب مجاناً وصدق الشيخ الغزالي رحمه الله القائل: " ليس بالضرورة أن تكون عميلاً لتخدم عدوك، يكفيك أن تكون غبياً".
سيبقى الأمل في الله قائم.. والأجيال القادمة ستضطر إلى دفع الفاتورة الكبيرة التي تأجل دفعها بتراجع المعارضة عن تقديم نفسها كبديل حقيقي جاد صاحب مشروع للشعب المصري ثم للقوى الإقليمية والدولية.
وهو ما يخشاه نظام الانقلاب لذا فهو يُدمر كل فرص الالتقاء والتحالف والاصطفاف حتى لا يظهر للشعب البديل الصادق الجاد فتخرج الأمور عن المسار والسياق المرسوم من النظام.
عدم وجود البديل صاحب المشروع هو ما يُعقد الأمور
ولكي يتواجد البديل لابد من دراسة تجارب الحالية للمعارضة في سورية وليبيا وأسباب فشلها في الاتفاق والتوافق مما ساهم في زيادة المأساة وتعميق الجراح في تلك الدول.
بغير الاتفاق على وضع "عقد ثوري للتغيير" والاتفاق على صناعة البديل، والاتفاق على المشروع الذي سيُقدم للشعب المصري ليتم استفتائه عليه تكون المعارضة المصرية هي أكبر أداة لدعم النظام بتفرقها وتشرذمها وعدم جديتها في حلحلة الأمور.
وسيذكر التاريخ ذلك كله وسيذكر أيضاً أن ثورة 25 يناير كانت أعظم ثورة سلمية عرفها التاريخ الإنساني كله في العصر الحديث لأنها كانت ثورة كرامة طالبت بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية ولم تكن ثورة جياع ولن تكون إلا ثورة كرامة..
#أفكار_في_الهواء
ملاحظة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فإذا كان اصطفاف المعارضة واجب فوحدة مكونات الثورة الداخلية فيما بينها واجب كذلك.
وكل ثورة وأنتم بخير
#وسيبقى_الأمل
0 التعليقات:
إرسال تعليق