سورية ... الموت ولا المذلة
كتب / محمد صلاح الدين عبد الحكم
للتواصل بالرأي أو النقد أو التعليق على المقالة
برجاء إرسال التعليق على العنوان الالكتروني التالي وشكراً على زيارة المدونة :
m.salahaldeen@gmail.com
m.salahaldeen@gmail.com
الشعب السوري في دولة الأسد
لقد استيقظ الشعب السوري قبل نحو خمسة أشهر ليجد نفسه يعيش في دولة تشبه دولته من حيث الجغرافيا والتاريخ واللغة والعادات والتقاليد إلا أنها لا تشبه دولته من حيث العقيدة والنظام السياسي والعسكري والأمني والإعلامي... فقد علم السوريون ولأول مرة أنهم في دولة الأسد حيث لا قانون إلا قانون الغاب ولا حزب إلا البعث ولا إله فيها إلا الحاكم ، عندها اندفعوا بالعشرات عقب ثورة الياسمين في تونس وثورة الأحرار في مصر للمطالبة بالإصلاح فقوبلوا بالاعتقال والإهانة والقتل بالرصاص الحي فاستلهم الشعب العربي السوري اللحظة التاريخية واستدعى تاريخه المجيد كواحد من أقدم شعوب الأرض فاندفع بالمئات ثم بالألاف ثم بالملايين في كل المدن السورية على مدار أشهر ثم أحيا نهار رمضان بالثورة صائماً وليله بالثورة قائماً ينادي الشعب يريد إسقاط النظام ، فاستفز ذلك حكام دولة الأسد فأطلقوا إرهابهم وطغيانهم بل كفرهم بقولهم " لا إله إلا بشار / ماهر الأسد" الأمر الذي استفز شباب الحرية المؤمن فخرجوا في ثبات أسطوري هاتفين " لن نركع إلا لله " ثم تحدوا واستعلوا على هذا النظام البعثي ورفعوا سقف المطالب التي تجاوزت إسقاط النظام إلى " الشعب يريد.. إعدام السفاح ".
ورغم خذلان العالم أجمع لهذه الثلة المؤمنة من الشباب العربي السوري البطل بما فيهم الأنظمة العربية الجديدة والقديمة باستثناء بعض المواقف الرسمية المشرفة للمملكة والكويت والبحرين وبالطبع قطر، إلا أن لهيب الثورة لا زال متقداً لم تخمد جذوته في صدرهم، على الرغم من استمرار تزايد عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل الوحشي ، وحتى لحظة تدوين هذه الكلمات لازالت المظاهرات في ثالث أيام عيد الفطر المبارك للعام 1432 هـ تخرج في معظم أرجاء المدن السورية الحرة لتنادي على بعضها البعض " ياسورية ... حنا معاك للموت " وفي تلك الأجواء تلقى نظام الأسد البعثي مسماراً جديداً في نعشه باستقالة المدعي العام لمحافظة حماة السيد عدنان بكور والذي يعد أول مسئول بهذا الوزن والقدر يُقدم على هذه الخطوة إلا أنه وبعد ساعات قليلة أذيع خبر إلقاء القبض عليه من قبل شبيحة النظام بحسب مصادر إعلامية ولا أعرف ما هي الظروف والملابسات التي أدت لقيامه بهذه الحركة الشجاعة دون أي تنسيق مع تنسيقيات الثورة السورية للعمل على تهريبه أو على الأقل أخذ ما لديه من أدلة تدين النظام، وقبل أن يقوم النظام بتلفيق إحدى السيناريوات الوقحة التي لا زال يلقيها علينا ليل نهار.
لذا أعتقد بأنه يتعين على الثوار الأن بأن يعملوا على تدارك الخطر الداهم والمتمثل في ضعف التنسيق وعدم سيولة قنوات الاتصال لتأمين استقبال من يريد الانشقاق من أحرار الشعب السوري وترتيب مواقفهم وتوظيفها لصالح الثورة ، من خلال الربط بين جميع التنسيقيات وبين المجلس الانتقالي الذي يجب دعمه بكل قوة لتفعيل دوره كجهة وطنية وحيدة ممثلة للشعب السوري في الداخل والخارج والذي يجب أن يعمل للتنسيق الدولي للعمل على نيل اعترافات رسمية بالمجلس الانتقالي من دول العالم وبخاصة مع تلك الدول التي تتاجر بالثورة السورية والتي أعلنت فقدان الأسد لشرعيته ولا زالت تمنحه الوقت لتبحث لنفسها عن قيادة بديلة تواليها وتمضي معها قدماً للمحافظة على أمن الاحتلال.
الثورة السورية بين السلمية والتسليح
بالتزامن مع احتفال المسلمين بعيد الفطر المبارك في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي يحتفل الشعب السوري بالعيد على طريقته الخاصة بعد أن أخذت الثورة السورية عيدية العيد من أختها الثورة الليبية بسقوط النظام الليبي وفرار القذافي حيث شرع أحفاد المختار في أكبر عملية مطاردة للسفاح في كل أنحاء ليبيا بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة الأمر الذي أنعش الأمال والطموحات الشعبية للثورة السورية بعد ما ظل النظام البعثي السوري يبث سمومه للأغلبية الصامتة من السوريين عبر وسائل الإعلام البعثي السوري محذراً من تحول سورية إلى الاقتتال كما هو الوضع الليبي، وبعد أن أخذاه الله وأنعم على الثوار الليبيين بالنصر على القذافي زاد ذلك من إرادة الثوار السوريين وقوى عزائمهم فأصروا على سلمية ثورتهم التي أخشى ألا يكون أمامها حلاً إلا الإعلان عن الجهاد المسلح ضد الكفرة من عصابة الأسد وجيشه وشبيحته لتتفجر الأوضاع بالإعلان عن مجموعات وفرق وكتائب شعبية مسلحة لتدخل سورية في دائرة جديدة من الصراع، ربما لن يتمكن معها الثوارمن إقناع الدول العربية والأمم المتحدة بحقوقهم المشروعة، حيث سيتفيد الأسد من علاقاته الدولية وسيطلب من حلفائه بالضغط على الأمم المتحدة لتوصيف الحالة على أنها صراع مسلح على السلطة بدلاً من ثورة على نظام فاسد وهنا مكمن خطوة تسيح الثورة، لذا فالبديل هو المحافظة على سلمية الثورة رغم جسامة التضيحات المتوقعة نتيجة هوس الجيش الأسدي والشبيحة بالقتل والرغبة الجامحة في التعذيب والإذلال.
متى سيتحرك الصامتون في سورية ؟
رغم كل هذه المظاهرات ورغم ألاف القتلى وعشرات الألاف من الحجرحى والمعتقلين والمشردين بسب القمع إلا أنه لازالت فئات وأعداد كبيرة من الشعب السوري لا زالت صامته لم تتحرك، والسؤال هو لماذا لم تتحرك ومتى ستتحرك؟
والإجابة على كهذا سؤال لن تكون سهلة بل ربما ستكون أشد تعقيداً من ظروف الثورة نفسها لأن النظام قد أفلح على مدار أربعين عاماً من إفساد الحياة السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والقضائية وحتى الفنية والرياضية والأخطر الدينية حيث ترك الناس يتدينون التدين السلبي الذي لا علاقة له بالحياة ولا يتدخل في شئون البلاد العباد ولا الدولة ونظام الحكم حيث دعم الأسد النخب والرموز الدينية واشتراها بكل الوسائل حتى ضمن ولائها ليوم يكون هواها تبعاً لما جاء به الأسد حتى وإن كان كاذباً أو قاتلاً .
فما نشهده من اصطفاف شاذ لرموز المجتمع والنخب السورية حول الأسد ونظامه في الداخل من كتاب ومثقفين وإعلاميين وأساتذة جامعات وفنانين ورجال دين وغيرهم ، وما لهم من تأثير على الشعب السوري يعتبر الحلقة الأضعف في حلقة الثورة السورية وذلك لما لهم من تأثير وما يقوموا به من دور تثبيطي سلبي للفت في عضدد الثواروتحييد الأغلبية الصامته عن دعم الثورة فهم يلبسون على الناس الحق بالباطل وصدق الله العظيم القائل في أمثالهم " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٤٢﴾ "البقرة" إنهم يعلمون أن نظام الأسد البعثي نظام كافر وأنه قاتل ومفسد وليس بمصلح ولكنهم قد باعوا أنفسهم للشيطان وتحالفوا معه فلم يعد لهم رجعة بتوبة إلى ربهم أو عودة إلى شعبهم إلا من أراد الله أن يصيبه برحمته. فهم أحد الأسباب الرئيسية وراء صمود نظام الأسد لذا فهم أحد التهديدات الحقيقة التي تواجه الثورة السورية لذا لازال النظام يبدوا متماسكاً بعد مرور نحو خمسة أشهر حيث لم نشهد انشقاقات حقيقة في النظام حتى الأن باستثناء أعداد قليلة من الجنود ولعل استقالة المدعي العام البكور هي أول الغيث، ولكن في المجمل لازال النظام قوي ومتماسك والذي ربما يعمل على إذابة هذا التماسك هو حدوث اختراق حقيقي لصالح الثوار في أوساط النخب السورية من خلال تحول بعضهم من أبواق في يد النظام إلى مساندة الثورة السورية وفضح أعمال النظام في مختلف وسائل الإعلام، كذلك بدء إنفضاض التجار وخاصة تجار حلب ودمشق عن النظام السوري وتأييدهم للثورة الأمر الذي سيسبب حالة من الاختناق الاقتصادي للنظام الذي يواجه في ذات الوقت خناقاً اقتصادياً دولياً يدفع أعداد كبيرة من الشبيحة للانفضاض عن النظام السوري وبالتالي يفقد النظام أحد أذرعه المسمومة وبالتالي سيضعف من وطأة القبضة الأمنة والعسكرية لصالح الثورة والثوار ، أو سيعمل النظام على توجيه شبيحته لمهاجمة التجار أنفسهم لترويعهم بشتى الطرق لأخذ الدعم المادي المنشود لدفع أتعاب ومصروفات الشبيحة وذخائرهم التي يقتلوا بها الثوار.
متى نصر الله ؟
الكل يسأل متى نصر الله والإجابة ليست بشرية وإنما ربانية " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ"﴿٢١٤﴾ البقرة، إذاً لا يوجد شك في أن النصر أت ولكن المسألة مسألة وقت ليحدث فيها عملية التمحيص للفئة المؤمنة من خلال ما يوجهونه من بأساء وضراء وزلزلة أمام هذا النظام البعثي الكافر الفاجر وزبانيته وهذا التمحيص بلا شك هو مُجلب النصر القريب فالمسألة نسبية ولكنها في الأخير تمثل حكمة ربانية معرفة من لديه الاستعداد لتقديم التضحيات والانحياز إلى الحق والثبات عليه واللجوء إلى الله والثقة فيه والتذلل إليه والاعتماد عليه دون سواه " لن نركع إلا لله" والأخذ بجميع الأسباب الممكنة مهما كانت محدوديتها، عندها وعندها فقط سيتنزل النصر على الشعب السوري الذي أثبت بأنه لن يتراجع مهما كثرت التضحيات أو زادت العذابات لأنه يعلم أن التراجع له وجهان أما الوجه الأول
فسيُعد خيانة لدماء ألاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والثكالى والأرامل والأيتام الذين وفقدوا أبائهم خلال الثورة
وأما الوجه الثاني فهو الاستسلام المهين المذل الذي يجعل مسقبل سورية في مهب الريح تحت قبضة أحفاد أحفاد الأسد بعد أن يكون قد قضى على معظم شباب الثورة الأحرار مدينة مدينة وقرية قرية وحارة حارة وبيت بيت ، لذا فلا خيار سوى الاستمرار حتى النهاية فقد مضى وقت التراجع والتفكير في الاستسلام ، فلا تراجع ولا استسلام حتى النصر أو الشهادة.
فسيُعد خيانة لدماء ألاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والثكالى والأرامل والأيتام الذين وفقدوا أبائهم خلال الثورة
وأما الوجه الثاني فهو الاستسلام المهين المذل الذي يجعل مسقبل سورية في مهب الريح تحت قبضة أحفاد أحفاد الأسد بعد أن يكون قد قضى على معظم شباب الثورة الأحرار مدينة مدينة وقرية قرية وحارة حارة وبيت بيت ، لذا فلا خيار سوى الاستمرار حتى النهاية فقد مضى وقت التراجع والتفكير في الاستسلام ، فلا تراجع ولا استسلام حتى النصر أو الشهادة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق