قول فصل لا لبس فيه أنه لايمكن لعاقل أن يتصور أو يقول بأن الثوار السلميين الذين خرجوا لميدان التحرير خوفاً على مصر تاريخاً وحضارة ، مكان وإنسان ، أخلاق وكرامة في "جمعة تصحيح المسار" يمكن أن يقوموا بأي أعمال تخريب أو عنف تجاه البشر أو المنشأت أو الممتلكات العامة أو الخاصة وفي هذا لسنا بصدد كثير نقاش أو تقديم أدلة أو إثباتات.
ومما لا شك فيه أيضاً أن جميع المصريين الشرفاء الذين يمثلون جموع الشعب المصري بأطيافه السياسية والأيديولوجية بمسلميه ومسيحييه قد أدان واستنكر كل أعمال العنف والشغب والبلطجة المُتمثلة في اقتحام " سفارة الاحتلال " وحرق الأشجار وسيارات الشرطة التي يدفع ثمنها من دماء دافعي الضرائب المصريين ولأننا شعب نحفظ كلمتنا والتزماتنا الداخلية والخارجية العربية والدولية فلم يُعرف عن مصر في التاريخ القديم أو الحديث أنها نقضت معاهدة أو حنثت باتفاق لذا فإن من قاموا بهذه الأفعال لم يدركوا بأنهم قد نكتوا في صفحة التاريخ المصري نكتة سوداء على ثوب الحق الناصع الذي يطالب به الشعب المصري دولة الاحتلال الصهوني، بل قاموا عن قصد وتعمد بالإساءة لنا وتدعيم صورة الصهاينة أمام الرأي العام الدولي ليتحول الجاني لضحية والضحية لجاني بهذا الفعل الخسيس.
ومما لاشك فيه أيضاً أن ماحدث قد أصاب هيبة المجلس العسكري قبل المساس بهيبة الدولة التي خدشت بضعف حماية الأمن والشرطة لتلك السفارة المشئومة ، الأمر الذي أدى لردة فعل قوية ثم قام بتعديل بعض الأحكام المترتبة على الإعلان عن حالة الطوارئ بحسب ماورد في الأهرام المصرية بتاريخ 12/9/2011 حيث أوردت في خبر على صفحتها الالكترونية ( قرر المجلس الاعلى للقوات المسلحة تعديل بعض الاحكام المترتبة على اعلان حالة الطوارىء خلال مدة سريانها حتى تتواكب مع الوضع الحالى للبلاد. وجاء فى نص القرار رقم 193 لسنة 2011 بتعديل بعض احكام قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 مايلى " تطبق الاحكام المترتبة على اعلان حالة الطوارىء خلال مدة سريانها على حالات مواجهة حدوث اضطرابات فى الداخل وكافة اخطار الارهاب والاخلال بالامن القومى والنظام العام بالبلاد وتمويل ذلك كله وحيازة الاسلحة والذخائر والاتجار فيها وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار فيها .
كذلك على حالات مواجهة أعمال البلطجة والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق وبث أو اذاعة اخبار أو بيانات أو اشاعات كاذبة عمدا).
كذلك على حالات مواجهة أعمال البلطجة والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق وبث أو اذاعة اخبار أو بيانات أو اشاعات كاذبة عمدا).
وبمعنى أخر فإن المجلس قد قرر أن يضرب بيد من حديد ضد كل من يقع تحت طائلة الطوارئ المُعدل ولكن ما يجب الإشارة إليه هو أن البلطجة التي تهدد الأمن والسلم المصري يمكن القضاء عليها إذا حللناها بصورة دقيقة إن أي عمل يحتاج إلى ثلاثة أمور رئيسية لإنجاحه تتمثل في " التخطيط والتمويل والتنفيذ " لذا لا يمكن أن ننجح في القضاء على البلطجة دون القضاء على المُخططين والممولين لأعمال البلطجة من فلول الوطني ورموزه الفاسدين لأننا حتى وإن قبضنا على الألاف منهم فهم بعشرات الألاف إذا فعلينا تجفيف أن نحاربهم من خلال تشديد القبضة الأمنية وتجفيف منابعهم أو مواردهم المالية والمعنوية.
فالبلطجة عملية " ظاهرة وباطنة " ظاهرة يقوم به بلطجية معروفون بالأسماء في كل مديريات الأمن وأقسام الشرطة، وباطنة متمثلة في التخطيط والدعم اللوجستي لقيادات البلطجة الذين فقدوا قدراً كبيراً من مواردهم المالية التي كانوا يتحصلون عليها بصورة رسمية من الحزب المنحل ورموزه من جهة ، والدعم المعنوي بغض الطرف من القنوات الأمنية الفاسدة والتي لازالت تعمل بصورة أو بأخرى داخل المنظومة الشُرطية من جهة أخرى، والتي لن يصعب تحديدها وتحجيمها داخل وزارة الداخلية " فأهل مكة أدراى بشعابها " إذا كانت توفرت إرداة أمنية حقيقية داخل الوزارة التي يُعتقد أنها تشهد صراعاً حقيقياً بين فريقين الأول يؤيد الثورة ويريد العودة الجديدة للشرطة المصرية التي تحترم حقوق الإنسان وتتشرف بخدمة هذا الشعب العظيم بعماله وفلاحيه تحت شعار " الشرطة في خدمة الشعب "، وبين فريق لازال لديه رغبة شديدة في المحافظة على الشرطة كسابق عهدها بتكبرها وتجبرها على الضعفاء من أبناء هذا الشعب ليحافظ الضابط على لقب " الباشا " الذي ظل ينادى به لثلاثة عقود ، وهذا الصراع ربماهو الذي يؤجل العودة الحقيقية للشرطة المصرية وعدم تشديد قبضتها على الأمن وكسب ثقة المواطن بحمياته من الأخطار المحدقة التي تحيط بالوطن والمواطن على حد سواء.
لذا فعلى المجلس العسكري الذي نكن له كل التقدير والإعزاز لمواقفه الوطنية الثابتة وحماية الثورة والمجتمع من جهة ومسئولياته العسكرية تجاه حماية الحدود وأمن الوطن من جهة أخرى في مرحلة دقيقة من عمر الأمة المصرية على المجلس أن يعلم أن البلطجة مستمرة مادامت هناك أيادي تمول وأيادي تُسهل فلا يمكن أن يوجد بلطجية طٌلقاء إلا بوجود شرطة فاسدة فالبلطجة إذاً لها مُعادلة ( مُخطط له نوايا فاسدة + ممول مُستفيد + مُيسر ومُتستر+ بلطجي= أعمال بلطجة إذاً فالبلطجة منظومة يجب تدميرها بالتعامل مع جميع العناصر المكونة لها وإلا فالأمر سيستمر، الأمر الذي يعطل مسيرة الانتقال السلمي والتحول الديموقراطي للحكم في مصر.
0 التعليقات:
إرسال تعليق