إلى علياء : الحرية لاتعني الانحلال
وإلى المجتمع:ليس هكذا تورد الإبل
هل نترك شبابنا فريسة للضلال الفكري والأخلاقي باسم الحرية ؟ |
في ظل انشغال الجميع بنتائج انتخابات المرحلة الأولى، الأمر الذي يجعل من خبر إشاعة علياء المهدي خبراً هامشياً بمعنى الكلمة حتى بعد أن علقت باستهزاء على خبر موتها قائلةَ : نعم أنا متّ ودخلت النار.
حقيقة إن مافعلته مدان إنسانياً وأخلاقياً وقانونياً وشرعياً بكل أنواع الإدانات وأشهدها عنفاً، لأنها بذلك تدمر قيم وأعراف وتقاليد المجتمع أياً كانت هويته إسلامي أو مسيحي ، عربي أو غربي ، ولكن في الحقيقة ردة الفعل الشعبية تجاه علياء وفعلها لم تكن بالمستوى الحضاري المنتظر، حيث أنني حاولت أن أنئى بنفسي عن التعليق على مثل هكذا موضوع ترفعاً عنه حتى لا يأخذ أكبر من حجمه، فهو لايستحق عناء الكتابة والرد والتعليق
ولكني وبعد تعليقها الساخر على خبر موتها استفزت مشاعري الإنسانية والإسلامية، فنحن كمسلمون نفعل ما نفعل ونسأل الله بوجل وخوف أن يدخلنا الجنة برحمته، وهي تفعل ما تفعل ولا تخاف بل تستهزئ، وسرعان ما انفجرت الغيرة في نفسي عليها كمصرية عربية مسلمة حيث تمثل عرضي وعرض كل المصريين و العرب والمسلمين.
ثم تذكرت قيمة هامة من القيم الإسلامية الأصيلة والتي تتوافق مع الهدي والسنة النبوية الشريفة وهي قيمة الإحتواء " الذي نزع من الأفراد والمجتمع نزعاً " فلم يعد الصبر بيننا أساس البناء لذا تنهار كل العلاقات وتفشل، ولكي أكون أكثر موضوعية سأدخل في صلب الفكرة من خلال العودة لقراءة بعض مواقف النبى الكريم مع من استفزوه بأفعال تعد من قبيل الكفر والنفاق والكبائر، فعلى سبيل المثال:
كلنا يعلم الأعرابي الذي قد بال في المسجد وهَمّ الناس ليقتلوه، إلا أن النبي صلّ الله عليه وسلم قال خلّو بيني وبين صاحبي وأريقوا عليه ذنوباً من ماء ، وكذلك عندما قال له الأعرابي أعطيني من المال فإنه ليس بمالك ولا مال أبيك بعد جذبه من ردائه، فهَمّ المسلمون بقتله لفعلته الكبرى ولكنه أشار عليهم صلّ الله عليه وسلم بالهدوء وقال للرجل ماقال وأعطاه ما أعطاه ثم قال له: هل رضيت، فقال الرجل ماقال من ثناء حسن للنبي بينه وبينه في غرفته، فقال له النبي الكريم هلا ذهبت فقلت ذلك لأصحابي فإنهم قد وجدوا ذلك في نفوسهم ، فقال الرجل فهدأ الصحابة.
والمعنى هل قام أحد من الدعاة إلى الله وهم كثيرعلى الشاشات في مصر وخارج مصر بمحاولة الوصول إليها وإعادتها إلى الصواب والرشد؟
إن مشكلة علياء ليست مشكلة وطنية تخص المصريين فقط ، بل هي مشكلة أخلاقية نشأت نتيجة ظروف تربوية وثقافية معيبة ، ثم تحولت إلى مشكلة عقائدية بإنكارها لوجود الخالق جلّ وعلا في مجتمع مؤمن بمسلميه ومسيحييه ، ولكني لم أجد من يتحرك لا بصفة دعوية "الدعاة الجدد" ولا بصفة رسمية إسلامية"الأزهر أو دار الإفتاء" ليحاورها لإزالة ما لديها من أفكار وشبهات أو وساوس حتى ولو كان المتحاورين من الأخوة المسيحيين المصريين بصفة شخصية أو رسمية كنسية، فمن يؤمن بالله بعبادة أحد الدينات السماوية أفضل بكثير ممن ينكر وجود الله ذاته.
إن ماحدث قد حدث، ومافات لم يمت، ولازالت الفرصة سانحة لاحتواء مثل هذه الإنسانة المُغرر بها من قبل عبدة الطاغوت، فإن عادت فلنفرح بها فإن الله يقبل التوبة ويفرح بها "ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس" أي خير من الدنيا وما فيها، وإن أبت فقد حاولنا وندعوا الله لها بالهداية ولأنفسنا وأولادنا بالثبات وحسن الخاتمة.
أعتقد أن السبب في عدم سلوكنا مثل هذا الموقف يرجع إلى عدة أسباب منها :
- حالة الربيع أو المخاض العربي وبخاصة في مصر وانشغال الناس بمستقبل البلاد.
- حالة الإرتباك نتيجة الخوف من التعامل مع مثل هذه الحالة كونها أول حالة شاذة معلنة.
- نقص ثقافة الإيجابية والمسئولية لدى المجتمع المدني الذي يسعى للتشكل بعد أن ثبت بمالايدع مجالاً للشك أن الديكتاتورية قد أوشكت أن تقضى عليه بالكلية.
إن احتواء علياء فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض الأخر، ولو كنت داخل مصر لحاولت الوصول إليها لمحاورتها ولكن يكفيني أن أنشر هذه الرسالة كحجة على من قرأها لعلها تقع في يد من هو أقدر مني وأرشد دينياً وعقائدياً للقيام بهذا الواجب.
المسألة تحتاج إلى وقفة أخلاقية لمراجعة قيم المجتمع المصري والعربي الإسلامي والمسيحي على حد سواء.
قد نختلف أونتفق حول تلك الرؤية ولكني من حقي أن أعبر عنها وأقدمها لمن يمكن أن يرى ما أرى.
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق