البطالة الإستشارية المقنعة.. تلتهم ثروات الشعب
بقلم / محمد صلاح الدين
المركزي للمحاسبات: 93 ألف مستشار يلتهمون 18 مليار جنيه من أموال الشعب |
في الوقت الذي يبحث في الجنزوري رئيس الوزراء المصري عن حلول جوهرية لمشكلة عجز الموازنة المصرية، فجر الجهاز المركزي للمحاسبات مفاجأة تقليدية منسوبة للنظام السابق، عندما نشرت صحيفة اليوم السابع على موقعها على الإنترنت ما قاله وكيل الجهاز المركزى للمحاسبات السابق عاصم عبد المعطى أن المستشارين الذين يعملون فى الدولة يتجاوز عددهم 93 ألف مستشار يتقاضون رواتب تصل إلى 18 مليار جنيه سنوياً، مضيفاً أن معظم هؤلاء المستشارين من أصحاب الثقة وليس الخبرة، وأغلب المبالغ التى يتقاضونها تمثل إهداراً صارخاً للمال العام خاصة فى تلك الفترة الحرجة التى تمر بها مصر" حيث لم يستطع أياً منهم عملياً تقديم أية حلول حقيقية لمواجهة الأزمات التي تواجهها مصر في مختلف المجالات"، وقد اقترح عبد المعطي تقليص عدد المستشارين والخبراء للحدود المقبولة بما لا يزيد عن واحد أو اثنين فى كل جهة حكومية على أن يكونوا من أصحاب الكفاءات النادرة التى يحتاج إليها العمل بشكل فعلى " بمعنى آخر أنه يتعين على أي حكومة حالية وتالية التخلص من البطالة المقنعة في جميع أجهزة الدولة من كبار الموظفين سواء مستشارين أو خبراء أو مدراء ومسئولين لصالح تعيين الشباب ومن لديه الكفاءة المهنية لتطوير وتحسين كفاءة الأداء من جهة، والعمل على تفعيل دور صغار الموظفين من جهة أخرى للحصول على أداء أفضل من خلال مراجعة الحد الأدنى للأجور، الأمر الذي سيساعد على منح هؤلاء الموظفين التركيز لتطوير أعمالهم وأنفسهم بعد أن يكونوا قد ضمنوا لأنفسهم وضعاً معقولاً من الناحية المادية.
واللافت هو إشارة عبد المعطى إلى أن هؤلاء المستشارين يعتمدون بشكل أساسى على العلاقات الشخصية المرتبطة برموز النظام السابق وعناصر الحزب الوطنى المنحل، وربما هذا ما يفسر خوف الجميع من الإسلاميين الذين يعملون وفق المفهوم القرآني (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ، إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴿٢٦﴾ القصص
بمعنى أنه يفترض أن يقوم الإسلاميين بوضع معايير موضوعية وعلمية للوظائف في إطار عملية إعادة هيكلة وتنظيم للوظائف العامة بالدولة لتحديد البطالة المقنعة من جهة، وتحديد معايير الأداء المقبولة من جهة أخرى، إضافة إلى تحديد مواصفات القائم على هذه الوظيفة في ضوء مؤهلاته وإمكانياته العلمية والمهنية وقدرته العقلية والجسدية على القيام بأعباء تلك الوظيفة من حيث الوقت المخصص لها، مما يسهم في الحد من استئثار بعض أصحاب الوظائف العليا بعدة مناصب في كبريات الشركات التي يتقاضى منها رواتب ومكافآت فلكية مقابل وجود إسمه في مجلس الإدارة أو إدارة الشركة أو حتى في الهيئة الإستشارية، حيث يقوم بالجمع بين كل هذه الوظائف في آن واحد ويتقاضى كل هذه الرواتب والمكافآت بصورة شهرية مع وجود من هو أكفأ منه من الناحية الفنية والصحية، إضافة إلى قدرة صاحب الكفاءة على تخصيص وقت كامل للقيام بأعباء تلك الوظيفة بأمانة وإخلاص ودون تعارض مع الوقت أو الجهد أو الأداء الفني، الأمر الذي يترجم في الأخير في عنصرين "القوة والأمانة".
وليس بالضرورة أن يتم تطبيق تلك السياسة بنسبة كبيرة أو بآلية صحيحة 100 %، ولكن على الأقل البدء في تطبيقها سيعمل على إطلاق عملية إصلاح متكاملة، حيث سيدفع ذلك الشباب الراغب في العمل على تطوير نفسه وتأهيلها وتنميتها بصورة مركزة ومستمرة لضمان الحصول على فرصة عمل حقيقية تستوعب مهاراته وتحقق طموحاته.
على الرغم من أن رقم الــ 18 مليار جنيه رقم مذهل من حيث قيمته العامة وقيمة توفيره في الوقت الراهن، إلا أنه ليس مستغرب أو ببعيد عن النظام السابق، وما خفي كان أعظم، فوفق مفهوم الفساد الشامل
حيث وافق المتخصصون في العلوم الإجتماعية والجنائية على تعريف الفساد كمصطلح فني يطلق حين تنتشر جرائم الإتجار بالوظيفة العامة أو الإعتداء على المال العام في المجتمع، ويشمل ذلك أيضاً كل عمل يتضمن سوء استخدام المنصب العام لتحقيق مصلحة خاصة ذاتية أو جماعية، ولكن الجديد في مصر هو قبول الوظيفة دون عمل تقوم به، وقبول مال لم تعمل به في سابقة تاريخية دخيلة على المجتمع المصري، وهذا يمثل الخبر السيء، أما الخبر الحسن فهو أن مثل هذه الأنواع من الفساد تنشأ عادة في ظل الفساد السياسي الذي يقوم برعاية الفساد الإداري، أما إذا قامت الدولة بإصلاح الفساد السياسي فسيتبعه جميع مناحي مجالات الدولة بما فيها الجهاز الإداري.
إذاً فالفساد لا يشمل السرقة والإضرار بالمال العام والحصول على الرشاوى وما في حكمها فحسب، بل يشمل أيضاً سوء الإدارة والمحسوبية وضعف الأداء وخيانة الأمانة، والتي منها إقصاء الأقوياء والأمناء وتولية ما يُسمون بأهل الثقة والمصلحة وتفضيلهم على أهل العلم والخبرة والكفاءة.
والمطلوب من الحكومة القادمة أن تعمل على وقف نزيف موارد الدولة، وسوء عدالة التوزيع، ووقف الفساد الشامل، ليس بالحد من السرقة فقط ، بل بترشيد جميع مناحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية، وإعادة هذه الموارد المهدرة لسد موازنة الدولة من جهة، والعمل على توظيفها في مشاريع استثمارية صناعية من جهة أخرى لخلق فرص عمل جديدة تعمل على تقليل نسبة البطالة في أوساط الشباب، وشكر هؤلاء المستشارين بإحالتهم على المعاش.
1 التعليقات:
انا مدير مالى فى شركة مقاولات بالرياض و أعانى بشدة من نظام الكفالة و يوم ماسمعت بمجرد إن فكرة إلغاء الكفالة سجدت لله شكرا و يارب كل مسئول ممكن يساعد على إنهاء هذه المهانة التى لاترضى الله و لا العباد ربنا يكرمه و يوفقه يارب و ياريت كل كفيل يخاف ربنا
إرسال تعليق