الإقتراع الإلكتروني لمجلس الشعب المصري
بين حفظ الأوقات وكفاءة الأداء
بقلم / محمد صلاح الدين
صورة من البرلمان الألباني موضح فيه نظام الإقتراع الإلكتروني |
قد لا يفطن البعض لمقدار الوقت الذي تمت فيه عملية الإقتراع السري داخل مجلس الشعب لاختيار رئيسه ووكيله والتي استمرت لعدة ساعات من الترشيح إلى الفرز وصولاً لعملية إعلان النتائج النهائية، كل ذلك ومصر كلها في انتظار وكأننا نشاهد أحد الأفلام الطويلة والمملة، حيث يستهلك المخرج المشاهد من مشهد إلى آخر دون الحاجة لذلك، الأمر الذي أثار الإستياء بشدة جراء هذا الأداء التقليدي المعتاد والذي تعودت عليه مصر لسنين عجاف ، ولكن الآن الوضع يختلف، فمصر بعد الثورة تختلف عن مصر القديمة، ومصر الجديدة لابد أن تبدأ التغيير بمعرفة قيمة وأهمية الوقت، وأكثر من يحتاج إلى إدراك ذلك هم نواب الشعب الذين يواجهون تحديات كبيرة وجمة تتمثل في مطالب ثورة 25 يناير التي لازالت أمانة في أعناق الجميع، وبما أننا في القرن الحادي والعشرين فلماذا لا نبحث عن وسيلة لتقليص واختزال فترة التصويت الممل إلى أقصى حد ممكن للحفاظ على قيمة الوقت وتوظيفه بصورة أمثل خلال الجلسات، ولكن كيف؟
الكثيرمنا يعلم بأن الكونجرس الأمريكي لديه نظام إلكتروني خاص بإدارة الجلسات من مهامه إدارة عملية التصويت، فما قد يستغرق ساعات طويلة يدوياً يستغرق دقائق إلكترونياً، وليست الولايات المتحدة فقط بل العديد من برلمانات العالم المتقدمة ومنها دولة الإحتلال في الكنيست الإسرائيلي إضافة للعديد من البرلمانات والمؤسسات الأوروبية، والبرلمان الإيطالي والهيئات والمؤسسات الدولية تستخدم نفس النظام، والغريب أن دولة مثل مصر تمتلك أو تفكر في امتلاك نظاماً إلكترونياً محترماً، ولكن إذا عرفنا أن النظام كان يعتمد على التخلف كوسيلة ناجعة في سيطرته على الأوضاع والأمور لإدراكه أن وجود هكذا نظاماً سيعمل على إحداث نقلة نوعية وكمية في الأداء البرلماني على المستوى الإجرائي والتقني والبشري لنواب الشعب على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية.
الأمر الذي يخالف توجهات النظام المصري السابق الذي يريد تكريس الوضع والحالة المتردية على ماهي عليه، بل وتجميدها بلا تطوير أو تطور، الأمر الذي كان يعكس غياب الإرادة السياسية للتطوير وممارسة الإدارة البرلمانية بشفافية وحرفية وحضورها بقوة لإفساد الحياة البرلمانية المصرية ليتسنى له السيطرة على جميع مناحي الحياة السياسية، وهنا يبطل العجب.
إذاً فالمسألة ليست اختراعاً جديداً، بل حاجة أساسية لتسهيل ممارسة العميلة الديمقراطية لحفظ أوقات نواب الشعب واستثمار تلك الأوقات بما يحقق لنا أفضل عائد من حيث الكم والنوع، حيث يستطيع الجميع إنفاق الأوقات بصورة أفضل بالتركيز على الجوانب الفنية بدلاً من التركيز على الجوانب الكمية، بالإضافة إلى تحقيق عدة مميزات رئيسية منها على سبيبل المثال لا الحصر سرعة الإقتراع وعرض النتائج بدقة والقيام بالتحليل الإحصائي لنتائج عملية الإقتراع وتحديد هوية المقترعين وتصنيف اقتراعاتهم والتوثيق الكامل لعملية الإقتراع، إضافة إلى إمكانية الإستلام والتسليم للوثائق الرقمية وطباعتها بجودة عالية وعرض نتائج الإقتراع الإجمالية والتفصيلية بصورة فورية، إضافة إلى إمكانية الإحتفاظ بنتائج الإقتراع والقرارات في قاعدة بيانات ضمن الأرشيف الإلكتروني التاريخي للمجلس، كذلك إمكانية البحث على الأصوات من خلال مفاتيح بحث عدة منها بحث ب ( إسم العضو ، الدورة ، التاريخ ، الموضوع ، الخ).
وغيرها حسب الأنظمة المتوفرة ومستوى الخدمات الإلكترونية التي تقدمها الشركات المتنافسة في هذا المجال ومن أبرزها خدمة الترجمة الفورية وخدمة ترجمة نظام النظام ذاته لأي لغة من اللغات، إضافة إلى خدمة استقبال البث الفضائي للإتصال والتواصل عبر الفيديو مع أي من الأفراد أو الجهات خارج قاعة المجلس عبر الأقمار الصناعية، الأمر الذي سيحدث نقلة نوعية لمستقبل إدارة المجلس.
كما سيتمكن المجلس من حفظ واستدعاء اللوائح والنظم المنظمة لعمل المجلس والدستور وجميع القوانين والتشريعات المتعلقة بالدورة الحالية وجميع أنظمة الدولة بل والأنظمة الدولية بحسب الإختيار والإتفاق مع الشركة المنظمة، إضافة إلى إدارة جدول الأعمال وغيرها من الأنشطة اليومية للجلسات، وإدارة نظام العناوين العامة وتنظيم مكبرات الصوت، وإدارة تسجيل الفيديو (بالإضافة للإتصال بالإنترنت) كل ذلك بعد أن يتلقى جميع أعضاء المجلس تدريباً على استخدام النظام قبل اعتماده بصورة رسمية وتشريعية لعملية الإقتراع.
أما مكونات نظام التصويت الإلكتروني فتشمل أهم المكونات وهي الوحدة المركزية لإدارة ومراقبة عملية الإقتراع والإنتخابات بالمجلس لتحديد الأعضاء المشاركين في عملية الإقتراع، ووحدة التحكم لإدارة أوامر الخطوات للتصويت وعرض نتائج التصويت على شاشات العرض في الوقت الحقيقي، وبعد ما تم عرضه من تصورات حول نظام الإقتراع الإلكتروني وأهميته لمجلس الشعب بل وجميع مؤسسات الدولة السيادية أتمنى من النظام الجديد لمصر أن يقدر قيمة هكذا نظام وأهميته كأحد الأصول التكنولوجية للدولة والتي ستنقل مؤسساتها وقياداتها من الإدارة اليدوية إلى الإدارة الرقمية.