الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لامبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار.. أفلاطون

وسيبقــى الأمــــل..

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

الثلاثاء، أكتوبر 23

فضيحة.. في عاصمة الضباب .. مجرم جنسي متوحش.. ميت

فضيحة.. في عاصمة الضباب
مجرم جنسي متوحش.. ميت

بقلم/ محمد صلاح الدين
كاتب ومدون مصري

فضيحه فى التليفزيون البريطاني

لقد أثارت الفضيحة الجنسية لنجم التلفزيون البريطاني الراحل جيمي سافيل عناوين الصحف اللندنية على مدار الأسبوعين الماضيين وقد تفاجئ العالم بتقاعس "بي بي سي" في التعاطي معها مبكرا الأمر الذي أثار حفيظة الشارع البريطاني في واحدة من أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم نظراً لتورط بعض كبار المدراء في التواطئ لعدم بث تلك الفضيحة التي استمر مسلسلها لعقود طويلة كانت بي بي سي مسرحاً لها في بعض الأحيان، في حين أفاد بعض الضحايا أن الاعتداء الجنسي كان موجودا بكثرة داخل المؤسسة الإعلامية ولم يقتصر فقط على سافيل.

وقد أفرزت تلك الفضيحة التي هزت أركان المؤسسة الإعلامية "بي بي سي" حيث كان يعمل سافيل كمقدم برامج والتي وصفته بي بي سي بأنه "مجرم جنسي متوحش" في تقريرها ليوم 23 أكتوبر 2012. ولم تظهر هذه الاتهامات بالتحرش المزعوم بالأطفال لسافيل في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، عندما كان المذيع في ذروة الشهرة، إلا بعد وفاته. الأمر الذي لايفضح مقدم البرامج فحسب بل يفضح وينال من الإعلام العالمي الذي يستغل كونه السلطة الرابعة للقيام بالعديد من الأفعال الشاذة والفاسدة حول العالم.

الأمر الذي جعل الجدل الدائر حول هذه الفضيحة وعدم التعاطي معها مبكرا يتمد الى أروقة البرلمان البريطاني إذ اعتبرت وزيرة الثقافة ماري ميلر: "أنها بلا شك مسائل خطيرة سيكون لها مجموعة من الآثار السلبية على عدد من المؤسسات العامة وليس فقط لهيئة الإذاعة البريطانية. من الضروري الآن أن نفهم ما حدث من خطأ وكيف يمكن تصحيحه".

ورغم قرار هيئة الإذاعة البريطانية بفتح تحقيق مستقل للنظر في قضية الاعتداء الجنسي المزعومة ومعرفة أسباب إلغاء تحقيق صحافي كان يعده محرر برنامج إخباري تحليلي عن الموضوع. قال مدير "بي بي سي"، جورج انتسويل: "سنعتمد في هذا التحقيق على الأدلة والبحث في الأعماق النفسية، فثقة جمهورنا له أهمية كبيرة عندنا وسنفعل كل ما في قدراتنا للحفاظ على هذه الثقة".ومن جهتها أكدت الشرطة البريطانية حصولها على 12 ادعاء في هذا الشأن، وذلك بعد اتصالها بـ40 من الضحايا المحتملين. وشرحت جولي فيرنانديز وهي إحدى ضحايا سافيل: "جلست بجانبه على أريكة في كرسيي المتحرك، وكانت يداه تجولان على ساقي وعلى ذراعي وفخذي وظهري لثوان طويلة". ومن جهته تأسف ستيفن جورج وهو أيضاً ضحية تحرش سافيل الجنسي لعدم تصديق البعض له ووصفه بالمجنون.

فضيحة الإعلام في دول الربيع العربي.

إن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة على واقع دول الربيع " المخاض" العربي كإنعكاس لهذه الفضيحة الإعلامية سواء من "سافيل" أو من المدراء الذين تواطئوا لعدم فتح التحقيق ليفرض علينا السؤال نفسه:

إذا كان هذا يحدث في إحدى أكبر المؤسسات الإعلامية في العالم وفي بلاد عريقة في الديمقراطية والحريات!! فماذا يمكن أن يكون قد وقع ويقع في المؤسسات الإعلامية العامة التابعة للدولة والخاصة التابعة لأباطرة المال والإعلام المقربيين من رموز الدكتاتوريات السابقة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية.

كلنا يعلم بأن العمل في الإعـــلام في تلك الدول وقد يكون في غيرها من الدول العربية كان يأتي عبر موافقات أمنية وسياسية من أعلى المستويات ففي مصر كان يسمى بـ " أمن الدولة " هو المعني بإجازة هؤلاء الإعلاميين قبل وصولهم على الشاشة الصغيرة وقد فضح اقتحام مقار أمن الدولة عقب حرق الملفات بعد تنحي الرئيس السابق على أثر ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 حيث كشفت أسماء للعديد من الإعلاميين بداخل تلك المقار الأمر الذي يؤكد وجود تلك العلاقة الأمنية المشبوهة مع النظام كما يؤكد اتهام بعض الإعلاميين وبعض من عائلاتهم في الفساد ، وبما أننا في بلاد متأخرة ديمقراطياً وأخلاقياً تقبع في الفقر والحاجة وتتفاقم فيها المشكلات الاقتصادية والسياسية والطائفية والأمنية لذا فإن الاهتمام بفساد إعلامي هنا أو إعلامية هناك أمر قد لا يأتي في القائمة الطويلة للأولويات الوطنية كما هو الحال في بريطانيا.

وعلى سبيل المثال فعندما يقرر المشاهد المصري مشاهدة برنامج من برامج مايسمى بالتوك شو في إحدى القنوات الخاصة المملوكة لرجال الأعمال المتهمون بقضايا فساد في النظام السابق ربما يصاب بالاكتئاب والإحباط نتيجة لما يطرحه الإعلام بأسلوب يعمل على إغفال الإيجابيات التي تبث التفاؤل والأمل لحساب بث السلبيات وتضخيمها بصورة كبيرة في إطارهجوم إعلامي منظم للصق الأزمات التي تسبب فيها النظام السابق للرئيس وحكومته رغم محاولات الإصلاح والتطهير الجادة من قبل الرئيس وفريقه الرئاسي وحكومته في كل مؤسسات الدولة من جهة وتأجييج وإشعال الفتن بين القوى الوطنية من جهة أخرى.

فعندما نرى الاستماته الإعلامية للدفاع عن نائب مصر العام وقضاه وصحافيون وكتاب ورجال أعمال ورموز" متهمون بالفساد" كانوا جزءاً لا يتجزأ من النظام السابق والذي طالبت الثورة بإسقاطه كاملاً، نجد أنهم قد أصبحوا بين عشية وضحاها نجوماً ليلية في برامج "التوك شو" في ضيافة إعلام مبارك المُتهم بعدة اتهامات إعلامية ممتدة من عصر النظام السابق منها غسل أدمغة الشعب وتزين الباطل والدفاع عن الفاسدين باسم الديمقراطية ومهاجمة الشرفاء باسم الحرية عبر مايسمى بالعامية " الزن على الودان" والذي عده العامة بقوة أقوى من السحر تأثيراً على النفس والعقل.

إن الإعلاميين المحسوبين على النظام السابق ورموزه والذين تحولوا للدفاع عن استحقاقات الثورة بينما يتمسكون بالنائب العام الذي أخرج كل المتهمين في قضية قتل المتظاهرين براءة لعدم وجود الأدلة!! يثبت التواطئ الإعلامي مع فلول النظام.

فهؤلاء الإعلاميين الفاسدين قد عارضوا التظاهرات في بداية الحراك السلمي للثورة المصرية وعندما تحول الحراك إلى ثورة نددوا بها وبرموزها من شباب الثورة والمعارضة الوطنية واتهموهم بالعمالة الأجنبية مما زاد من الضغط على الثورة والثوار من جهة وأعطى الفرصة والمبرر للنظام للتعامل الهمجي والوحشي مع المتظاهرين الأمر الذي أسقط المئات من الشهداء والألاف من الجرحى والمصابين.

فهل سيأتي يوماً نجد فيه تحقيقاً إعلامياً مهنياً تفتحه المؤسسة الإعلامية للدولة على غرار التحقيق الذي تجريه بي بي سي اليوم بصورة محايدة لإثبات أو نفي ما قام به هؤلاء الإعلاميين الذين ما فتئوا يجيشون الرأي العام ويحرضون على الانقلاب على الشرعية التي جاءات بأول رئيس مدني منتخب في مصر بعد ثورة 25 يناير.

وحقيقة لا أدري إن كان في الدساتير الدولية والقوانين المحلية أو الدولية كميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي نصوصاً ومواداً لتجريم المساندة الإعلامية أوالتبريير الصحفي لقمع الرؤساء في العالم العربي لشعوبهم كما حدث في كل بلاد الربيع العربي وكما يحدث في سورية حيث يخرج علينا ليل نهار من يبرر أعمل القتل الوحشي ويتهم المعارضة بالعمالة لدول أجنبية بينما يقبع هو ونظامه في العمالة الإيرانية والروسية على حساب الشعب السوري، أعتقد أننا بحاجة ماسة لسن تلك القوانين والتشريعات لوقف استخدام الألة الإعلامية المدمرة لعقول ونفوس وأرواح الشعوب لتحويلها من الهدم والتدمير إلى البناء والنماء.

وقد لا نرى هذا إلا من خلال عملية تطهير حقيقية للمؤسسات الإعلامية وربما يتطلب ذلك بعض القوانين الاستثنائية ولكن الإصرار على عدم إصدارها قد يعرض الأمن القومي المصري للخطر مع استمرار بث تلك السموم المحمومة من إعلامي النظام السابق : وقد يقول قائل حسن النية: هذا قمع للحريات وضد قيم الثورة التي ننادي بها، وأمثال هؤلاء الطيبون وغيرهم نقول ما قاله أفلاطون في حكمه : إن الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لامبالاتهم بالحياة العامة هو : أن يحكمهم الأشرار واللامبالاة هنا برأيي تكون بالترك فالإيجابية هي أن نأخذ على أيدي من يريد أن يعرقل الثورة باسم الثورة.

كما نقول له: ألم يأن للذين ناضلوا أن تفتح عقولهم وقلوبهم لفهم المعادلة على صورتها الحقيقة كصراع بين النظام القديم والجديد بصورعدة، مباشرة وغير مباشرة، باستخدام شعارات حق يراد بها باطل، كاستقلال القضاء وحماية الحريات وحماية البلاد من الإسلاميين التي تتشدق بها النخبة المتخمة من الثروة بينما يعيش المواطنين المصريين حياتهم اليومية في معاناة وكبد دائم دون تقديم رؤية للحل من هذه النخبة غير النافعة.

لذا ولتفويت الفرصة على النظام السابق وقطع الطريق عليه لاستعادة مكانته في النظام الجديد، أعتقد أنه يتعين على جميع القوى الوطنية مراجعة جميع مواقفها وتوحيد صفوفها عبر حوار وطني بناء يتم فيه وضع أسس لصياغة ميثاق عمل وطني للعبور بالوطن للمرحلة التالية من الديمقراطية إذ بغير هذا الحوار سيظل الوطن تحت القصف الإعلامي المكثف من رموز النظام السابق على النظام الوليد عبر المال السياسي والإعلامي الفاسد.
Share:

0 التعليقات:

ترجمة جوجل - Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

حكمة اليوم ..

"أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة" مارتن لوثر كينغ

أضـــواء وتوجهـــات

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

المشاركات الأكثر مشاهدة

مسميات

وجهة نظر ثورة 25 يناير 2011 الانقلاب ليس فتنة وإنما هو اعتداء على الشرعية أحاسيس وطنية كلام في السياسة رؤية تحتاج إلى إعادة نظر الثورة السورية ضد بشار الأسد من ثقافتنا الإسلامية الثورة المصرية الانتخابات المصرية بعد 25 يناير كلمات في الديمقراطية الثورة الليبية ضد القذافي الدكتور مرسي الرئيس مرسي مفاهيم غائبة الأمن القومي ومعلوماتية الثورة الانقلاب هو الارهاب الرئاسة المصرية سلوكيات إسلامة مشاركات فيسبوكية استقصاء الخروج في الانتخابات المصرية الأمن القومي الثورة برلمان الثورة 2012 ثورة 25 يناير 2013 رؤية ساخرة مفاهيم إسلامية مفاهيم عامة #غزة_تقاوم #العصف_المأكول أفكار وأخطاء يبغي أن تُصحح الإسلام الإسلام والغرب الإعلام الشرطة المصرية المبادرة المصرية لحل الأزمة السورية المعارضة الوحدة الوطنية ثقافة إسلامية جبهة الانقاذ جولة الإعادة دعاء الثورة للمظلومين رؤية حول الإعلام سفاسف إعلامية ميدان التحرير أضحوكة العالم أقوال المستشرقين عن الإسلام أم الشهداء أمريكا، حفل تنصيب الرئيس الأمريكي، الديمقراطية، إيمانيات استخبارات استفتا الدستور الانقلابي استفتاء الدستور استفتاء الدستور الانقلابي الأفكار الإخوان المسلمين الإعلام الأمني الإعلام الفاسد الإعلام المصري الانتخابات 2013 الانتخابات الأمريكية، بارك أوباما الانقلاب العسكري البنك الدولي التغيير الثورات العربية الثورة المضادة الحرب على غزة 2012 الحركات الثورية الحرية الداخلية الرئيس مرسي الأول الرئيس مرسي والسيسي الرد على الآخر الرضى السفارة المصرية السياسة والثورة، مصر، ثورة يناير، الإسلاميين، الإخوان، الشعب، النظام، الثورة المضادة. السيسي السيسي واليهود السيسي وغلاء الأسعار الشعب المصري الشعب المصري. العسكر عندما يتحدث للغرب الفريق شفيق القضاء المصري القيادة المصرية واستعادة القوة الناعمة الليبرالية العربية المرشح الديمقراطي المشاركة في انتخابات البرلمان 2013 المقاطعة الاقتصادية والعزل السياسي النوم الهجرة الهوية الوسطية انتخابات الرئاسة المصرية بورسعيد بي بي سي بُرهاميات تحذير أخلاقي تحرير تحليل تصريحات تحية وتقدير تصريحات العسكر تصريحات ساويرس تطبيق الشريعة الإسلامية تطهير القضاء تغريدات مصرية تفوق مرسي على شفيق في دولة الكويت تناقضات حزب النور ونادر بكار تويتر حادث رفح حزب الدستور د.أبو الفتوح دروس دستور العسكر والكنيسة رابعة رومني سد النهضة، مصر، السودان، إثيوبيا، الجزيرة، بلا حدود، تيران وصنافير، سيناء سليم عزوز- مرسي شهداء ثورة يناير شير فترة الولاية الثانية فض الاعتصام في مقاصد الدستور والقانون فيسبوك كلام في الاقتصاد والسياسية كومنت لايك متابعين مرسي مشروع المليون فدان مصر مصر أصيلة مصر بحاجة إلى نخبة جديدة مصر_دستور_يا_سيادنا معركة الوعي مقال من النوايا الالكترونية من قيم المجتمع هشام جنينه ‫#‏فاكرين_أيام_حكم_مرسي‬

الأرشيف