إلـى من يظنون أنهم على حق
دائماً
..عودوا إلى رشدكم يرحمنا ويرحمكم الله
بقلم / محمد صلاح الدين
البعض منا يتحدث وكأنه يمتلك الحقيقة المطلقة
وكأنه يرى ما لايراه الآخرون أو يوحى إليه وحينما تسمع أو تقرأ له تجده يتحدث بثقة
طاغية بحيث لا يترك لنفسه خطاً للرجعة من قبيل ما يقوله الإمام الشافعي بأن رأيي صواب
يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب في تواضع جم وخلق جميل أما نبرة الاستعلاء
هذه فلا نجدها من العلماء وإنما نجدها من بعض أنصاف المثقفين ممن لديهم اهتمامات سياسية
بحكم الواقع الذي نعيشه من خلال متابعاتهم للبرامج السياسية الحوارية وقراءة مقالات
المتخصصين بنهم شديد مما جعلهم يتأثرون بما يشاهدون ويسمعون ويقرأون حتى ظنوا في أنفسهم
الفكر والرأي ونسوا أنهم ليسوا سوى ناقلين للفكر والرأي وهذه وظيفة مهمة وجليلة يجب
الانتباه إليها وأدائها بصورة مهنية وعلمية صحيحة خاصة عند ممارسة الإعلام والتواصل
الاجتماعي.
وسبب الحديث أن بعض ممن أشرت إليهم أعلاه
يعيبون على بعض ممن ينادي الدكتور أبو الفتوح بإعلان دعمه الواضح للدكتور مرسي دون
مواربة حيث وصفوا أنصار الدكتور أبو الفتوح بالأتباع وأنهم يتوجهون بالأمر " دون
حسن تفكير أو تدبير " وهذا أمر مثير للشفقة لما له من سطحية شديدة في الطرح فمن
أعطى الدكتور أبو الفتوح أو غيره كان لديه ما يبرر أرائه ودوافعه الوطنية التي نحترمها
بغض النظر عن مدى اتفاقنا أو اختلافنا مع تلك الآراء أو الدوافع وفي هذا السياق أجد
أنه من الأمانة الفكرية والعلمية أن أوضح نظرية علمية هامة ومؤثرة في جميع المجتمعات
الإنسانية وهي نظرية يطلق عليها في علم الإعلام والعلاقات العامة نظرية قادة الفكر
أو قادة الرأي .
لذا سأحاول في الفقرة التالية الإشارة لهذه
النظرية من خلال التعريف بمصطلح قائد الرأي ( Opinion Leaders ) الذي
يمكن تعريفه بأنه الوسيط أو الرمز الاجتماعي الذي من خلاله تنتقل وتفسر المعلومات والمواقف
في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والسياسية والرياضية ونحو ذلك ويحمل قائد الرأي بالضرورة
قدرا" من السمات والخصائص التي تجعله ذا قدرة في التأثير في الأخرين ، وهذا التأثير
يمثل توجيههم إلى تبني موقف أو فعل ما وهذا غالباً ما يحدث عبر التوجيه المباشر أو
غير المباشر ويكون هذا التأثير والتوجيه في آشده عندما يأتي من القائد عبر رسالة اتصالية
تتصف بالوضوح والسهولة والبساطة أما إن أتت الرسالة الاتصالية بغير الأوصاف فربما تحدث
تشويشاً حول موقف القائد وبالتالي قد تتباين المواقف من جمهور الأنصار بصورة أو بأخرى
وهذا لا يمنع بعض من هذه الجمهور من تبني مواقف مغايرة للقائد إذا كانت لديهم قناعات
ودوافع أخرى أقوى. وقد أشار تشالز رايت ( T.
Wright) الذي يعتبر من أبرز الباحثين
في هذا المجال بان قادة الرأي (هم أولئك الأفراد الذين يؤثرون على الآخرين عن طريق
الاتصال بهم يوماً بعد يوم في الشؤون المتعلقة باتخاذ قرار وتكوين رأي)
ووفقاً لهذا المفهوم الاتصالي وُصِّف قادة
الرأي تبعاً لهذا المفهوم على أنهم يعملون على تحويل الاتصال الجماهيري عبر (الراديو
والتلفاز والصحف وجميع وسائل الاتصال الإنسانية الأخرى ) الى اتصال مباشر ومواجهي تبعاً
لتأثيراتهم الاجتماعية وقدراتهم الشخصية من خلال النقل والتفسير لمضمون الرسائل ، مما
يزيد ويساند ويفاعل وقعه لدى الأفراد والجماعات داخل المجتمع. ووفقاً لهذه النظرية
فعندما ندعو شخصية وطنية محترمة بقيمة الدكتور عبد المنعم أو أي شخصية وطنية أخرى في
مصر بالإعلان عن مواقفهم الوطنية بوضوح تجاه دعم الدكتور مرسي دون أي مواربة اقتداءاً
بما فعله الكثير من قادة الرأي والفكر في مجالات شتى لانكون نطالبهم سوى بتحمل مسؤلياتهم
الأخلاقية والوطنية تجاه المرحلة.
لأننا في مرحلة تتصارع فيها رموز وقوى الثورة
المصرية ورموز الثورة المضادة ولا يخفى على أحد بأن أي إنحياز إيجابي أو سلبي من قادة
الفكر والرأي هنا أو هناك دائماً مايلعب دوراً في التأثير على الرأي العام الشعبي المصري.
ولا يخفى على أحد بأن تأخر الدكتور أبو الفتوح في الإعلان عن موقفه مما أعلنه الأستاذ
حمدين صباحي أثار الكثير من البلبلة في صفوف الجميع في مختلف الأوساط النخبوية والشعبية
حتى جاء خطابه الأخير ليوضح بأن الأستاذ حمدين قد تسرع فيما أعلنه رغم أنه كان على
نفس المنصة وقت الإعلان عنه ولم ينكره عليه ولكن المهم أنه قد أنكره ورده على الأستاذ
حمدين في النهاية والخلاصة هنا إن وضوح موقف قائد الرأي وانحيازه وتوقيت الانحياز مهم
جداً للجمهور والرأي العام النخبوي والمجتمعي.
ولعل هذا ما أدركه وفعله الأستاذ حازم صلاح
أبو إسماعيل بينما كان موقف الأستاذ حمدين موقفاً رافضاً لكلا المرشحين بحج واهية لها
دلالات غير إيجابية على الموقف الثوري والشعبي المصري، لذا ننادي كل شريف في مصر ممن
يطلق عليه قادة الفكر والرأي سرعة الإعلان بوضوح عن المواقف الوطنية التي ستند لثورة
الخامس والعشرين من يناير وثوابتها وقيمها التي تطالب بتحقيق قيم العدالة الاجتماعية
والكرامة الإنسانية والحرية واستقلال القرار الوطني ووقف الفساد وأعتقد بأن هذه المبادئ
والقيم الأساسية لا يختلف عليها إي إنسان مصري وطني، وقد لاحظنا أن البعض قد طلب من
الدكتور مرسي خطاباً تطمينياً لأنصار بعض المرشحين وهنا أقول لهؤلاء الأخوة الكرام
أن أنصار مرشحي الثورة يدركون خطورة الموقف وحاسمية اللحظة وقد لاحظت وشاهدت العديد
من أنصارهم وقد بادروا بصورة تلقائية لدعم
الدكتور مرسي بل وشاركوا في حملته الانتخابية دون طلب من أحد إيماناً منهم بثورتهم
بضرورة الذود عنها ودعم مرشح الثورة الوحيد الذي وصل إلى السباق بعدما تراجع ترف الاختيار
إلى جبرية الاختيار وذلك لأنهم يدركون بأن الوقوف على الحياد أو الانحياز السلبي
" المقاطعة أو إبطال الأصوات " في مثل هذا الموقف التاريخي يعد انحيازاً
للطرف الأخر. فاليوم إما الثورة أو الثورة المضادة.
لذا أرجو من غير المتخصصين الكف عن الحديث
فيما لايعلمون.. و عودوا إلى رشدكم يرحمنا ويرحمكم الله اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.
·
0 التعليقات:
إرسال تعليق