اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعملون
بقلم/ محمد صلاح الدين
إن مقتل إنسان بريء هي جريمة بحق الإنسانية لا يرضى عنها الإسلام ولا الرسول صل الله عليه وسلم، ولقد أُذي الرسول صلوات ربي وتسلماته عليه من الكفار والمشركين ولم يقتل إنساناً منهم رغم اشتداد الأذى عليه خاصة بعد رحلة الطائف وحتى عندما جاءه ملك الجبال مع جبريل عليه السلام وقال له " امرني يا محمد أطبق عليهم الأخشبين " أي دعني يا محمد أدفنهم بين الجبال المحيطة بمكة إلا أن الرحمة قد تجسدت في شخصه النبوي الكريم بجوابه للملك بدعاءه الإنساني النبوي الراقي " اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعملون" فرغم ألمه النفسي من وطأة التكذيب والإهانة بل والاعتداء الجسدي عليه صل الله عليه وسلم إلا أنه رفض أي فعل عنيف بل ورفض قتل أياً منهم عقاباً لهم على تكذيبه وإذائه له صل الله عليه وسلم بل حتى رفض أن يدعو عليهم كما فعل أخيه نوح عندما قال "رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً " أتدرون لماذا لم يفعل ذلك؟
ببساطة لأنه الرحمة الإنسانية المطلقة التي تجسدت في شخصه صل الله عليه وسلم قال تعالى " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وبعد كل هذا يأتي أتباع النبي اليوم ليغايروا سنته وهديه ويهاجموا بعنف كل من يتجرأ بجهل أو بكفر أو حتى بحقد على شخصه الكريم صل الله عليه وسلم. أيها المسلمون كلنا يعلم أنه قد أتى إلى النبي صل الله عليه وسلم رجل من الأعراب وقد جذبه من ملابسه وقال له أعطني مما عندك من مال فإنه ليس بمالك ولا مال أبيك ولم يغضب بل أعطاه .. إن حسن الخلق جوهر الإسلام والرحمة هي جوهر حسن الخلق لما فيها من مجامع الخلق لذا أدعو جميع المسلمين لإظهار سنة النبي صل الله عليه وسلم وهديه كرد عملي على الإساءة إليه.
أليس حريُ بنا أتباع دين محمد أن نظهر حسن خلقه ورحمته فيما بيننا كمسلمين في التعامل مع الوالدين والأزواج والأبناء والزملاء وغيرهم في جميع مناحي الحياة وخاصة مع غير المسلمين وهذا هو الرد العملي الذي يعبر عن حياة النبي صل الله عليه وسلم، أما الإنفعال السلبي لنصرته بالاعتداء على الأرواح والممتلكات والإساءة للآخرين لمجرد أنهم مختلفين معنا يمثل إهانة بالغة وإساءة للإسلام نفسه ومخالفة واضحة لتعاليم سيد الأنام صل الله عليه وسلم.
لا أعتقد بأن النبي الرحيم عليه أفضل الصلاة والتسليم لو كان حياً بيننا يمكن أن يقبل بقتل من أساء إليه فضلاً عن قتل وترهيب من لم يسئ إليه إن مقتل السفير الأمريكي وثلاثة من موظفي السفارة الأمريكية بليبيا في احتجاجات ضد الفيلم المسيء للرسول واقتحام السفارة الأمريكية بالقاهرة وإنزال العلم يعد مخالفة للأعراف والقوانين الليبية والمصرية والدولية الأمر الذي يعد إساءة لنا بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولا أعتقد بأننا قد ربحنا من هذه المعركة بل ربح من أساء إلى رسولنا الكريم وحده لأنه قد ربح بإسائته للنبي مرة وبإسائتنا إلى ديننا ونبينا بردنا مرة أخرى فربح مرتين وربح ثالثاً من خلال زيادة الترويج المباشر للفيلم المسيء.
كما أننا ساعدنا الأعداء بالتأكيد على معانى حرصوا على إلصاقها بنا من قبيل الإرهاب والهمجية والغوغائية وعدم التسامح وعدم قبول الآخر إلى غير ذلك من الافتراءات.. وأقول لمن فعل هذا الفعل الآثم .. غفر الله لنا ولكم .
لقد كنتم كمثل الدبة التي أرادت قتل ذبابه من على وجه صاحبها فأخذت حجراً كبيراً وألقته على وجهه فأردته قتيلاً ثم ذهبت الذبابه إلى حال سبيلها.
إن من فعلوا ذلك لا يشك أبداً في إخلاصهم ولكن يشك كثيراً في فهمهم وفي قدرتهم على ضبط إنفعالاتهم وهما أمران من أخطر التحديات التي تواجه الإنسان المسلم اليوم في العصر الحديث.. اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق