فـــي هروبـــي إلـــى الحُريـــة
(1) الراحل علي عزت بيجو فيتش تحدث في سياق حرب طائفية وعرقية من الطراز الأكثر حقداً ودموية في التاريخ الإنساني وفي قلب أوروبا التي تخشى الإسلام ومحاط بملايين الصرب والكروات المتطرفين فأي حديث عن الإسلام سياعد في إلهاب مشاعر العداء والكراهية وصب مزيد من الزيت على النار.
(2) الحمد لله أننا كنا حاضرين الحرب منذ أولها وشرفت بأنني كنت من أوائل الناس الذين شاركوا في حملة الدفاع عن مسلمي البوسنة من أولها في مصر في العام 1992 وذلك بعد أن بدأت على خلفية نجاح الاستفتاء الذي تم في العام و بالفعل أعلنت البوسنة و الهرسك الإنفصال عن يوغوسلافيا في مارس 1992 بعد أن وافق 99% من مسلمي البوسنة على القرار الأنفصال عن يوغوسلافيا، و من هنا بدأ العدوان. فالتحرك كان بسبب حركة إنفصالية قومية وليست إسلامية من الأساس.
(3) عندما أارد مسلمي البوسنة والهرسك الدفاع عن أنفسهم لم يلجأوا لخطاب قومي أو علماني أو خطاب ليبرالي بل لجأوا لخطاب إسلامي وقد كان مقاتلي جيش البوسنة يضعون على رؤسهم عصابة مكتوب عليها " لا إله إلا الله محمدا رسول الله " دلالة على هوية الحرب وأنها حرب إسلامية يقومون فيها بواجب جهاد الدفع عن حقهم في أن يعيشوا بهويتهم التي خلقوا عليها واختاروها لأنفسهم بحرية كاملة. فدفاعهم عن الحرية في أن يكونوا كما هم كان بوسيلة إسمها الجهاد " جهاد الدفع " وهذه فريضة إسلامية دينية.
(4) المشكلة تكمن في أن من ينادي بالحرية ينادي بها إما برومانسية لا تسمن ولا تغني من جوع، حرية بلا أنياب، لا يمكن أن تتحقق ولا في الخيال، وإما من ينادي بها وينتظر الغرب أو الدكتاتور أن يقوم بمنحها له على طبق من فضة وهؤلاء مضللون مدلسون أو بلهاء لا يمكن تصديقهم بل يجب الابتعاد عنهم " فلا رأي لهم" وإعلامهم بأن الحرية الحقيقة هي حرية الكتاب والسنة التي تكفل للجميع أن يعيش تحت رايتها بحرية كاملة دون إكراه في الدين أو الفكر أو الرأي أو خوفاً على الحياة.
(5) بيجو فيتش رحمه الله كان يتحدث عن الحرية ولديه جيش يقاتل بلا إله إلا الله محمداً رسول الله جيش يصلي في الميدان عند التدريب أو اللقاء ويكبر في المعركة عند النصر، ويسمح بالخطباء من المشايخ في الالتحام بالجيش لتفقيه مقاتلي البوسنة في دينهم، وزيادة الحماسة الإيمانية والعقيدة القتالية الجهادية في قلوبهم، كما أنهم سمحوا لإخوانهم المجهادين من كل مكان بالالتحام بصفوفهم والقتال معهم بل وزوجوا هؤلاء المسلمين الذين أتوا من كل حدب وصوب بمسلمات بوسنيات دلالة على الوحدة الإسلامية والرغبة في الإنتماء لهذه الأمة العظيمة.
يا أخي الكريم : الثورة الإسلامية حدثت مع بداية الهجرة النبوية الشريفة وبدأت بقوة عندما قال الله عز وجل " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " نحن الدين الوحيد الذي شرع فيه الجهاد والقتال لدفع الظلم وصد العدوان وعدم الاعتداء على إرادة الناس وحرياتهم أما الحديث عن الحرية فقط دون العمق الإسلامي فهذا ربما يوقع الناس في لبس غير مقصود.
ولعل معنى الحرية بكل وضوح يطرحه الصحابي الكريم ربعي بن عامر رضي الله عنه وعن الصحب الكرام أجمعين، حين رد على رستم وهو يسأله: فيما جئتم ؟
قال لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .. نعم هذه هي الثورة الإسلامية تحرير البشر والأوطان من عبادة الطواغيت ومن عبادة الأهواء والأوثان المادية والمعنوية والأفكار البالية.
على عزت بيجو فيتش لم يقف على المسمى لأن المضمون الإسلامي متوفر أما اليوم فليس لدينا مضمون إسلامي يستند إليه في المعركة والمشاركة ستكون من الجميع والكل بحرية وللحرية يفرض رؤيته عن الحرية. فهل نتفق عن الحرية وتعريفها أولاً مع شركاء المعركة أم نتركها مبهمة.
عموما: من فضلك لا تحدثني عن الحرية فأنا أعشقها وهي حق والحقوق تغتصب ، فلا تحدثني عن الحرية ولكن حدثني كيف سأحصل عليها؟
وأرجو أن يكون ذلك في مقالة قادمة بإذن الله.
لمن أراد الاطلاع على المقالة التي كان ردي أعلاه عليها فهذا هو الرابط.
https://www.facebook.com/alasaqr/posts/1111516885584636