إلى كارهي مرسي ...
أرجوكم فكروا خارج الصندوق ..
وجددوا انتقاداتكم ومنطقوها يرحمنا ويرحمكم الله
محمد صلاح الدين
توضيح: كتب هذا المقال أثناء القمة الإسلامية واستقبال مصر لنجاد وقد نشرته على صفحتي الشخصية على الفيسبوك وقد نسيت وضعه على المدونة فأرجو المعذرة من الأصدقاء من المشاركين والمتابعين..
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=453095008091733&set=a.337208053013763.81316.334256693308899&type=1&theater
تذكرون عندما أعلن في وسائل الإعلام عن زيارة الرئيس مرسي لطهران لأول مرة بعد عقود من القطيعة الرسمية للمشاركة في قمة عدم الانحياز، ماذا قال الكارهين لمرسي مع المعارضين..
هناك ثلاثة أفكار رئيسية قالوها:
1. الزيارة تثير الفزع في الأوساط الخليجية.
2. الزيارة تأتي على حساب الدماء السورية.
3. الزيارة تؤدي إلى تعزيز فكر الدولة الدينية وتكشف الوجه الحقيقي للحكم في مصر وأن النموذج الإيراني هو الذي يطمح إليه الإخوان المسلمون.
وبعد أن كللت الزيارة بنجاح تام لأن العالم (وخاصة دول عدم الانحياز) سمع بقوة ووضوح الصوت المصري الجديد الذي لا يداهن أحداً ولو كان في عقر داره وعلى منبره، فترضى عن آل البيت الكرام والصحابة الأطهار وخص الخلفاء الكرام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين، ثم تحدث عن سورية حديثاً أحرج إيران حتى أنها زورت الخطاب واستبدلت سورية بالبحرين، هذا هو موقف مصر وقيادتها الجديدة، القوة والحزم والوضوح في السياسة الدولية، وبعد هذه الزيارة التي استمرت لساعات معدودة والتي سلمت فيها مصر راية قمة عدم الانحياز لإيران، انقلب العالم وانقلب المعارضين للزيارة من الإسلاميين وغير الإسلاميين (إلا الكارهين بالطبع) وهللوا وكبروا لأنهم ربما أدركوا أن العبرة لا تكون بالزيارات أو بالعلاقات أو باللقاءات والابتسامات والبروتوكولات، وإنما تكون بالمواقف والسياسات.
إن تكرار نفس الإعتراضات تدل على أنكم إما لم تتعلموا الدرس أو أن إبداعكم قد أوقفته الكراهية فلم تستطع عقولكم إبداع رؤى واعتراضات جديدة، ولما لا وقد أفقدتكم كراهية القلوب إبداع العقول.
أرجوكم حاولوا أن تتخلصوا من هذه التقليدية في الإعتراض على الرئيس، فكروا واطرحوا أفكار خارج الصندوق حتى تستطيعوا أن تقنعوا العقول.
إن استغلال زيارة نجاد واستدعاء نفس الحجج الواهية لتجديدها بهذه المناسبة ينم عن حالة من الفشل في الإعتراض الموضوعي مع قلة الوعي السياسي للعلاقات الدولية أو الحرص على تغييب هذا الوعي السياسي مع سبق الإصرار والترصد لإلهاء الرئيس ومؤيديه بالدفاع المستمر، واستغلال هذا الدفاع نفسه ضد الرئيس ومؤيديه.
برأيي أن المشكلة هي لبرلة وعلمنة الأفكار والمشاعر والتي تؤثر على المواقف السياسية بعيداً عن الموضوعية ولو على حساب الحق والحقيقة.
شخصياً أنا ضد زيارة نجاد للقاهرة وأدعو لرفض هذه الزيارة على المستوى الشعبي بكل ما أوتيت من قوة، ويجب إظهار هذا الغضب الشعبي لوسائل الإعلام حتى يعلم الشعب الإيراني أن قادته غير مرحب بهم في مصر بلد الأزهر، هذا على المستوى الشخصي والشعبي، وسبب ذلك هو مواقف إيران من الثورة السورية ومن الخليج ومحاولات زعزعة استقراره المستمرة واحتلالها للجزر الإماراتية وإرسالها لخلايا وعملاء كشفت عنهم بعض دول الخليج خلال الأعوام السابقة، ومن الدعم الإيراني المستمر للآلة الإعلامية الشيعية التي تسب الصحابة وأم المؤمنين رضي الله عنهم ليل نهار، ومن كيلها بمكيالين في ملف الحريات، فتطلق حريات اليهود الدينية والشخصية ولا تطلق للمسلمين من أهل السنة في إيران وطهران، هذا بعض أهم ما نعيبه على إيران، أما ما نعيبه على الليبراليين والعلمانيين فهو عدم اهتمامهم بهذا الموضوع وعدم دفعاعهم عن كل هذه القضايا، ولكن استخدام الزيارات كوسيلة سياسية للضغط على النظام الحاكم في مصر.
أيها السادة إن كانت للشعوب خياراتها فللدولة ضرورياتها، ومن الضرورة وبحسب العلاقات الدولية أن نفهم أن علاقات الدول لا تحسب بمشاعر وعقول الأفراد، وأن السياسة هي فن إدارة المتناقضات تماماً كما حدث من استضافة صالحي وزير خارجية إيران، بينما كان مساعد رئيس الجمهورية يساهم في مؤتمر لنصرة قضية الأحواز العربية في إيران، هذه هي السياسة التي افتقدتها مصر عبر عقود وانكفئت على نفسها تحت المظلة الأمريكية لإرضاء المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة، ومن المهم أن نعلم أن استقبال نجاد غير دعوته للقاهرة، فالدعوة تمت من منظمة المؤتمر الإسلامي التي بها عشرات الدول ومصر عليها الاستضافة فقط، إن تلك الزيارة تعتبر أحد الكروت السياسية الممتازة في يد مصر للرد على الضغوط الخليجية والأمريكية التي لا ترغب في التقارب المصري الإيراني، فأما التخوف الخليجي فهو تخوف غير مبرر على الإطلاق، لأن دول الخليج التي تخشى إيران لديها علاقات دولية وتمثيل دبلوماسي كامل مع إيران، بينما ترفض أن يكون لمصر نفس التمثيل وتضغط ضده وهذا أمر غير مقبول من الناحية السياسية والدولية وخاصة الإقتصادية، لأن الخليج بموقفه من الحكم في مصر عليه أن يعلم أنه يتعين عليه أن يغير سياساته الحالية تجاه مصر، أو أن مصر لها خياراتها بل وضرورياتها في إحداث هذا التقارب لصالح البلدين مع احتفاظ مصر بثوابتها التي تنادي بمنع ومحاربة التشيع في مصر ودعمها الكامل لكل القضايا العربية ومنها سورية والإحتلال الإيراني لجزر الإمارات وقضية الأحواز.
كذلك فإن إيران أًصبحت الأن ورقة مهمة في يد الحكومة المصرية على طاولة لقاء القمة القادم بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين مصر التي هي بالنسبة لأوباما لا "حليفة ولا عدوة" ويجب على أمريكا أن تتنازل لمصر عن شيء ما من الناحية السياسية والاقتصادية والتكنولوجية إذا ما رغبت في عدم اكتمال هذا التقارب على نفس المستوى من العلاقات بين مصر وإيران، مع العلم بأن إيران لديها الرغبة الجامحة في أن تضحي بالعالم كله من أجل إرضاء مصر، وهذا هو ما صرح به أحد كبار المسئولين الإيرانيين عقب الثورة المصرية عندما سئل عن إمكانية حدوث تقارب بين البلدين فقال: إن مصر في كفة والعالم كله في كفة أخرى بالنسبة لإيران، وإننا مستعدون لدعم مصر في شتى المجالات.
إن الخليج وأمريكا عليهم أن يدركوا أنه لا يوجد غداء مجاني في مصر بعد اليوم، وأن السياسات المنبطحة السابقة قد تغيرت ولغير رجعة بإذن الله، لذا عليهم أن يقدموا لمصر على الطاولة أوراق الدعم المطلوبة قبل أن تنطلق مصر في علاقتها الدولية مع إيران وتتعمق العلاقات بين العملاقين الكبيرين في المنطقة.