إلى أهل مصر .. مبروك..
لقد انتقلتم للمستوى الثاني في لعبة الديمقراطية
تابعنا وتابع العالم أجمع معركة الدستور المصري والتي ربما يمكن أن نطلق عليها معركة المعارك السياسية وأوسعها جدلاً في التاريخ المصري كله، نظراً لتعدي تلك المعركة الحدود المصرية والتي اشترك فيها أطراف عربية وإقليمية ودولية لدعم التيار المناهض للتيار الإسلامي تحت ستار رفض الدستور، ورغم كل تلك الجهود إلا أن الشعب المصري كان صاحب الكلمة العليا والأخيرة التي أفشلت كل تلك الجهود على مشارف لجان التصويت.
1- لا صوت يعلو فوق صوت الشعب..
فرغم كل محاولات المعارضة المصرية التي تحالف العديد من رموزها ومكوناتها مع الفلول في الداخل ورغم وجود مؤشرات من تلقي دعماً خارجياً من بعض القوى الخارجية لتعطيل المشروع الإسلامي سعياً لإفشاله أو إرباكه لإبقاءه في المستوى الأول من لعبة الديمقراطية تمهيداً للانقلاب عليه ثورياً أو شعبياً من خلال إعلان فشله السياسي في إدارة شئون الدولة بعد تشويهه كفكرة ومشروع ورموز إلا أن الشعب المصري كان يراقب أداء الجميع ويتابع كل المواقف بصمت شديد إلى أن حانت ساعة الحقيقة وخرج ليقول كلمته ويسمع الدنيا صوته فالصوت أصدق أنباً من التوك شوز وضيوفه وتحليلاته الموجهة.
2- المعارضة بوعي وبلاوعي تسعى لإسقاط مشروع الدستور..
لقد سعت جميع قوى المعارضة التي أظهرت نسب الاستفتاء أنها لاتزيد عن 35% رغم كل الأصوات العالية التي سببت ضوضاً وضجيجاً سياسياً لم يُعرف له مثيل في التاريخ السياسي المصري بل والعربي القديم والحديث والذي قادته مختلف وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية للتشويش على رسالة الدستور المصري الوليد، فرغم التزيف والتزوير والتشويه والتضليل والافتراء والكذب على مشروع الدستور وعلى الجمعية التأسيسة بهدف غسيل أدمغة الشعب المصريل لإثناءه عن تبني الدستور كما كانت تفعل جبهة إنقاذ مصر بجميع أطيافها ومكوناتها الحزبية والسياسية المتحالفة مع فلول الحزب الوطني المنحل بحسب تصريحات المنسق العام للجبهة محمد البردعي الذي رفض التصويت على الدستور خشية على حياته كما تردد في وكالة أنباء البي بي سي العربية مما يثبت ضعف شعبيته على عكس ماكان يسعى الإعلام لتصويره وتلميعه كبديل غير شرعي وغير منتخب " مجلس رئاسي مدني" للقيادة السياسية المنتخبة في مصر لأول مرة في التاريخ المصري كله.
3- المشروع الإسلامي لأول مرة في بداية طريق النهضة..
هذه المعارضة التي رفضت ودعت برفض مشروع الدستور لم تنظر لمميزات المنتج بل نظرت إلى مُقدم المنتج الدستوري وخلفيته الإسلامية ومشروعه الذي يجب أن يفشل حتى لا تستقر له الأوضاع كما استقرت لنظرائه في تركيا وماليزيا اللتان أظهرتها ملامح قوية للنهضة مما أدى إلى إعلان الموت الإكلنيكي لجميع الأفكار والمرجعيات غير الإسلامية بعد سيطرة الإسلاميين على مقاليد الحكم ولا يقول لي أحد بأن الشعبين الماليزي والتركي متخلفين ولديهما أمية عالية أو نسبة فقر وبطالة تسببت في اختيار الإسلاميين لأن الحقيقة هي أن تلك الشعوب قد وضعت ثقتها في الإسلاميين بعدما سحبتها من أبناء التيارات الأخرى الذين فشلوا لعقود طويلة في المحافظة على ثقة شعوبهم وهذا ما أتمنى أن تفهمه المعارضة المصرية فالمسألة ليست دستوراً أو غيره فالمسألة تطلب برنامجاً ومشروعاً سياسياً جاداً ينافس المشروع الإسلامي بقوة لخدمة الشعب المصري وبغير ذلك ستظل المعارضة ظاهرة صوتية إعلامية أكثر منها ظاهرة حركية شعبية على الأرض.
4- الوعي الاستراتيجي لغالبية الشعب المصري تغلب الوعي التكتيكي للمعارضة..
وفي هذا المقام لا يجب أن ننسى بعض مكونات المعارضة المعارضة كحزب مصر القوية بزعامة أبو الفتوح وحزب مصر بزعامة الداعية عمرو خالد وبعض رموز التيار الليبرالي واليساري والعلماني الذين يمثلون جزءاً من ال35% بحد أقصى والذين دعوا للتصويت بلا استناداً لمنطق رفضه غالبية الشعب المصري مفاده الاعتراض الموضوعي على بعض بنود الدستور المصري في لحظة تعاني فيها مصر واقتصادها معاناة حقيقة قد تصل إلى حد الكارثية مع استمرار حالة السيولة السياسية وحالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والمجتمعي الأمر وبعد أن خرجت المؤشرات الأولية لتقول بأن ما يقرب من 63.5% قد صوتوا لصالح مشروع الدستور ليثبت الشعب المصري بأن وعيه ونضجه وأعلى بكثير من جميع رموز المعارضة فالشعب يدرك مصالحه الاستراتيجية فليس لأجل بندين أو عشرة بنود أقل أو أكثر يختلف عليهم من حيث التوجهات أو الصياغات تعطل المسيرة خاصة مع احتفاظ الدستور بمرونة دستورية فائقة تتضمن ألية تعديل شرعية دستورية لأول مرة في تاريخ الدستاتير المصرية جميعاً.
5- الحسم الدستوري يؤدي للعزل السياسي وبدأ تطهير المؤسسات..
بهذا الوعي المصري الشعبي حسم المصريين أمرهم وأفصحوا عن رغبتهم في الانتقال للمستوى الثاني من اللعبة لبناء المؤسسات الشعبية لممارسة العملية الديقراطية الحقيقة بعيداً عن المُزايدات وبعيداً عن من أفسدوا الحياة السياسية على مدى ثلاثة عقود لأول مرة في التاريخ وبعيداً عن قضاه كانوا يمثلون رأس الحربة في عرقلة المسيرة الديقراطية للشعب المصري، والآن وبعد الإعلان الرسمي المنتظر يوم الثلاثاء القادم من اللجنة العليا المعنية بالإشراف على الاسفتاء تتطلع أنظارنا إلى بدأ مرحلة حقيقة من تطهير جميع مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق وخاصة في وزارات سيادية هامة كالإعلام والداخلية والعدل " القضاء" في إلى ذلك الحين سنظل منتظرين على أحر من الجمر إنعقاد أول جلسة لأول برلمان مصري بعد الدستور ليخرج لنا التشريعات اللازمة لعملية التطهير من جهة والتسويات المالية مع رجال الأعمال لاستعادة عشرات بل مئات المليارات من الجنييهات لصالح الشعب المصري، وليكون للمرحلة عنواناً جديداً هو التوافق ومراجعة الجميع معارضين ومؤيدين لمواقفهم السابقة لتصويب تلك المواقف بما يخدم الاصطفاف الوطني لدعم مشروع النهضة المصرية وهذا يحتاج من المعارضة التي تمثل 35% أن تتواضع لتنزل على رأي الأغلبية وتقبل بالحوار الوطني دون قيد أو شرط وأن تتوقف عن الحديث باسم الشعب المصري لأنها لا تمتلك المشروعية السياسية ولا الأخلاقية للحديث باسم الشعب على كعس القيادة السياسية التي تمتلك تلك المشروعية بنسبة 100% للحديث عن الشعب قاطبة شاء من شاء وأبى من أبى وذلك وفق الآليات الديمقراطية والشرعية.
"ولن أتحدث عن كون هذه النسبة بها كثير من التصويت بالكراهية وبتغييب الوعي فهذا حديث له شجون يمكن أن يفرد له مقال آخر" فإلى ذلك الحين أسأل الله أن يوفق مصر قيادة وشعباً لما في خير البلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه ومبروك ياشعب مصر العظيم.. كتبت ما تقرأون ولكم التقدير.