الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لامبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار.. أفلاطون

وسيبقــى الأمــــل..

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

الجمعة، سبتمبر 30

الثمن الذي يدفعه الطيبون- انتخابات المستقبل في مصر تبدأ في 2011

الثمـــن الـــذي يدفعــه الطيــبون

انتخابات المستقبل في مصر تبدأ في 2011
بقلم / محمد صلاح الدين 
يقول أفلاطون ( الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار )
وفي هذه الحكمة وقفات عديدة نتحدث فقط عن واحدة منها هي " اللامبالاة" فما هي اللامبالاة؟
فوفق  وكيبيديا وبحسب علم النفس أن اللامبالاة هي " حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أو حتى في الأحداث العامة كالسياسة ، وإن كان هذا في غير صالحه ، مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج" وكيبيديا بتصرف

وأضيف على ماسبق بأنها نتاج قلة الوعي وضعف الإيجابية وكلاهما نتاج الانشغال السلبي أو الإيجابي بالنفس وقلة احترام الذات، وللخروج من دائرة الانشغال بالنفس لابد من إيقاظ الحس الوطني ، بتوجيه الفرد و المجتمع لهدف سام يكون معه نكران للذات واستعداد لتقديم التضحيات بالوقت أوالمال أوالجهد أو حتى النفس كما حدث في 25 يناير وعلى مر التاريخ العظيم للشعب المصري .
فهل يمكن أن يجمعنا هدف واحد هو بناء النظام بعدما نجحنا في 25 يناير من إسقاط النظام السابق؟
والإجابة الضرورية هي نعم ولكن ، إذا أنكر كل منا ذاته أفراداً وجماعات رموز وعوام أحزاب ومؤسسات واتحدنا على كلمة واحدة هي " مصر أولاً " لتذوب الفروقات والاختلافات في بوتقة مستقبل الوطن عندها سيسهل علينا بناء النظام الذي نريد ، فالبداية إذاً بالنفس والنهاية بها.

وهنا نجد التنبيه الإلهي للنفس والربط العجيب ببين ما في النفس وبين قلقها الدائم على الرزق لذا أقسم الله على أنه في السماء وليس في الأرض وأن كل شيء عنده بمقدار وقدر فهل يعلم من يشتغلون بالسياسة والمُنتمين للأحزاب المختلفة هذه المعاني ويبنون مواقفهم وسلوكياتهم على هذا الأساس أم أن المسألة خلاف ذلك ؟
قال تعالى (... وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٢١وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿٢٢فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴿٢٣﴾ الذاريات صدق الله العظم

فهل وعينا هذا الحديث الذي لا يأتيه الباطل من بين يده ولا من خلفه ؟

، سواء كنا إسلاميين أو علمانيين ، يساريين أو سلفيين علينا أن ندرك بأن مصير العباد والبلاد بيد الله تعالى ولن يستطيع أحد أن يأخذ من أحد منصب أو وزارة أو رأسة أو نحوها إلا أن يكون بقدر الله ، ألم يقل النبي صلّ الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ."

بهذه الثقة علينا أن نحاور بعضنا بعضاً وأن يثق في بعضناً بعضاً فلا مجال للتخوين أو التخويف علينا أن نثق في الله وفي أنفسنا وفي الأخرين علىينا أن نجرد قلوبنا من كل هوى إلإ هوى مصر عز العرب وفخر المسلمين.

بالأمس نجحت تونس في اختبار الديموقراطية بنسبة مشاركة وصلت إلى 90 % في أول إنتخابات حرة ونزيهة بعد هروب بن علي ، واليوم ونحن على أول أعتاب الحرية الحقيقة بعد الإطاحة بنظام مبارك أدعو جميع الأحزاب السياسية أن يخوضوا الانتخابات بنزاهة وشرف في إطار من المنافسة الشريفة.

 وأدعوالقوى الوطنية والشعب المصري للاصطفاف حول الوطن لحماية الثورة في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن بالنزول بكثافة للمشاركة في بواجبين ، الأول الإدلاء بالأصوات ، والثاني هو حماية لجان الانتخابات من كل من أراد أن يفسد عرس الديموقراطية المصري من بلطجية فلول الوطني
.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون
Share:

الاثنين، سبتمبر 12

إقتحام السفارة بلطجة منظمة تبرر قانون الطوارئ

اقتحام السفــارة بلطجة منظمة تبــرر قانـون الطـوارئ


بقلم / محمد صلاح الدين

قول فصل لا لبس فيه أنه لايمكن لعاقل أن يتصور أو يقول بأن الثوار السلميين الذين خرجوا لميدان التحرير خوفاً على مصر تاريخاً وحضارة ، مكان وإنسان ، أخلاق وكرامة في "جمعة تصحيح المسار" يمكن أن يقوموا بأي أعمال تخريب أو عنف تجاه البشر أو المنشأت أو الممتلكات العامة أو الخاصة وفي هذا لسنا بصدد كثير نقاش أو تقديم أدلة أو إثباتات.

ومما لا شك فيه أيضاً أن جميع المصريين الشرفاء الذين يمثلون جموع الشعب المصري بأطيافه السياسية والأيديولوجية بمسلميه ومسيحييه قد أدان واستنكر كل أعمال العنف والشغب والبلطجة المُتمثلة في اقتحام " سفارة الاحتلال " وحرق الأشجار وسيارات الشرطة التي يدفع ثمنها من دماء دافعي الضرائب المصريين ولأننا شعب نحفظ كلمتنا والتزماتنا الداخلية والخارجية العربية والدولية فلم يُعرف عن مصر في التاريخ القديم أو الحديث أنها نقضت معاهدة أو حنثت باتفاق لذا فإن من قاموا بهذه الأفعال لم يدركوا  بأنهم قد نكتوا في صفحة التاريخ المصري نكتة سوداء على ثوب الحق الناصع الذي يطالب به الشعب المصري دولة الاحتلال الصهوني، بل قاموا عن قصد وتعمد بالإساءة لنا وتدعيم صورة الصهاينة أمام الرأي العام الدولي ليتحول الجاني لضحية والضحية لجاني بهذا الفعل الخسيس.

ومما لاشك فيه أيضاً أن ماحدث قد أصاب هيبة المجلس العسكري قبل المساس بهيبة الدولة التي خدشت بضعف حماية الأمن والشرطة لتلك السفارة المشئومة ، الأمر الذي أدى لردة فعل قوية ثم قام بتعديل بعض الأحكام المترتبة على الإعلان عن حالة الطوارئ بحسب ماورد في الأهرام المصرية بتاريخ  12/9/2011 حيث أوردت في خبر على صفحتها الالكترونية ( قرر المجلس الاعلى للقوات المسلحة تعديل بعض الاحكام المترتبة على اعلان حالة الطوارىء خلال مدة سريانها حتى تتواكب مع الوضع الحالى للبلاد. وجاء فى نص القرار رقم 193 لسنة 2011 بتعديل بعض احكام قرار رئيس الجمهورية رقم 126 لسنة 2010 مايلى " تطبق الاحكام المترتبة على اعلان حالة الطوارىء خلال مدة سريانها على حالات مواجهة حدوث اضطرابات فى الداخل وكافة اخطار الارهاب والاخلال بالامن القومى والنظام العام بالبلاد وتمويل ذلك كله وحيازة الاسلحة والذخائر والاتجار فيها وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار فيها .
كذلك على حالات مواجهة أعمال البلطجة والاعتداء على حرية العمل وتخريب المنشآت وتعطيل المواصلات وقطع الطرق وبث أو اذاعة اخبار أو بيانات أو اشاعات كاذبة عمدا).

وبمعنى أخر فإن المجلس قد قرر أن يضرب بيد من حديد ضد كل من يقع تحت طائلة الطوارئ المُعدل ولكن ما يجب الإشارة إليه هو أن البلطجة التي تهدد الأمن والسلم المصري يمكن القضاء عليها إذا حللناها بصورة دقيقة إن أي عمل يحتاج إلى ثلاثة أمور رئيسية لإنجاحه تتمثل في " التخطيط والتمويل والتنفيذ "  لذا لا يمكن أن ننجح في القضاء على البلطجة دون القضاء على المُخططين والممولين لأعمال البلطجة من فلول الوطني ورموزه الفاسدين لأننا حتى وإن قبضنا على الألاف منهم فهم بعشرات الألاف إذا فعلينا تجفيف أن نحاربهم من خلال تشديد القبضة الأمنية وتجفيف منابعهم أو مواردهم المالية والمعنوية.

 فالبلطجة عملية " ظاهرة وباطنة " ظاهرة يقوم به بلطجية معروفون بالأسماء في كل مديريات الأمن وأقسام الشرطة، وباطنة متمثلة في التخطيط والدعم اللوجستي لقيادات البلطجة الذين فقدوا قدراً كبيراً من مواردهم المالية التي كانوا يتحصلون عليها بصورة رسمية من الحزب المنحل ورموزه من جهة ، والدعم المعنوي بغض الطرف من القنوات الأمنية الفاسدة والتي لازالت تعمل بصورة أو بأخرى داخل المنظومة الشُرطية من جهة أخرى، والتي لن يصعب تحديدها وتحجيمها داخل وزارة الداخلية " فأهل مكة أدراى بشعابها " إذا كانت توفرت إرداة أمنية حقيقية داخل الوزارة التي يُعتقد أنها تشهد صراعاً حقيقياً بين فريقين الأول يؤيد الثورة ويريد العودة الجديدة للشرطة المصرية التي تحترم حقوق الإنسان وتتشرف بخدمة هذا الشعب العظيم بعماله وفلاحيه تحت شعار " الشرطة في خدمة الشعب "، وبين فريق لازال لديه رغبة شديدة في المحافظة على الشرطة كسابق عهدها بتكبرها وتجبرها على الضعفاء من أبناء هذا الشعب ليحافظ الضابط على لقب " الباشا " الذي ظل ينادى به لثلاثة عقود ، وهذا الصراع ربماهو الذي يؤجل العودة الحقيقية للشرطة المصرية وعدم تشديد قبضتها على الأمن وكسب ثقة المواطن بحمياته من الأخطار المحدقة التي تحيط بالوطن والمواطن على حد سواء.

لذا فعلى المجلس العسكري الذي نكن له كل التقدير والإعزاز لمواقفه الوطنية الثابتة وحماية الثورة والمجتمع من جهة ومسئولياته العسكرية تجاه حماية الحدود وأمن الوطن من جهة أخرى في مرحلة دقيقة من عمر الأمة المصرية على المجلس أن يعلم أن البلطجة مستمرة مادامت هناك أيادي تمول وأيادي تُسهل فلا يمكن أن يوجد بلطجية طٌلقاء إلا بوجود شرطة فاسدة فالبلطجة إذاً لها مُعادلة ( مُخطط له نوايا فاسدة + ممول مُستفيد + مُيسر ومُتستر+ بلطجي= أعمال بلطجة إذاً فالبلطجة منظومة يجب تدميرها بالتعامل مع جميع العناصر المكونة لها وإلا فالأمر سيستمر، الأمر الذي يعطل مسيرة الانتقال السلمي والتحول الديموقراطي للحكم في مصر.
Share:

السبت، سبتمبر 10

نعم نحتاج إلى تصحيح لمسار الثورة.. ولكن كيف ؟
مسار الثورة بين الغايات والوسائل
بقلم / محمد صلاح الدين

 خرجت اليوم الجمعة الموافق 9/9/2011 جموعاً غفيرة من مكونات الشعب المصري إلى ميدان التحرير في جمعة أطلق عليها " جمعة تصحيح المسار " والتي جاءات بهدف تحقيق دفعة معنوية لثورة 25 يناير لتسريع الإجراءات والاستجابة للمطالب المشروعة للثورة وعلى رأسها تفعيل قانون الغدر وإعلان المجلس لجدول زمني لنقل السلطة القضاء على الانفلات الأمني ووقف محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية واستقلال وتطهيرالقضاء المصري وغيرها ورغم مشروعية تلك المطالب إلا أننا لاحظنا غياباً لافتاً لمكونات رئيسية وكبرى من مكونات الدفع الثوري ممثلاً في الإخوان المسلمين والتيار السلفي وبعض التيارات والأحزاب الأخرى ومنها حزب الوفد، ورغم وجود تمثيل فردي من بعض هذه المكونات لتصحيح المسار إلا أن العدد لم يكن بشكل يمثل ضغطاً شعبياً حقيقياً على المجلس والحكومة لتلبية المطالب الثورية.
وبالنظر في أسباب عدم مشاركة المكونات الأخرى أو انفراد المكونات الداعية لجمعة تصحيح المسار بالمظاهرة نجد أن المكونات الثورية والسياسية والمجتمعية لازالت تفتقد للتنسيق والتوافق الحقيقي فيما بينها ، ورغم ذلك إلا أننا نستطيع أن نلحظ نجاح تلك التظاهرة التي خرجت منها تظاهرات فرعية للتظاهر أمام دار القضاء العالي لدعم استقلال القضاء ، والبعض اتجاه للتظاهر أمام سفارة الاحتلال وتكسير الجدار الذي تم بناؤه لحماية السفارة.
 وجود حالة من الإنقسام تظهر من وقت لأخر بين مكونات المجتمع المصري كما حدث سابقاً حول " الدستور والانتخابات " وهذا ربما ما نستطيع وصفه بأنه اتفاق حول الغايات والعموميات واختلاف حول الوسائل والأساليب ، وربما يرجع ذلك إلى :
1-      تأخر المجلس العسكري والحكومة في تحقيق مطالب الثورة.
2-      تمترس مكونات المجتمع المصري كل حول أيديولوجيته السياسية التي ينطلق منها.
3-      ضعف الشفافية وعدم جود جدول زمني لتحقيق المطالب المشروعة للشعب والثورة.
4-      رغبة الشباب الثوري وشوقه لروح التحرير واستمرار الحالة الثورية التي تعطي للشباب فرصة لتحقيق ذواتهم
5-      خوف معظم التيارات غير الإسلامية من وصول الإسلاميين للحكم كونهم التيارات الأكثر قوة وتنظيماً في مصر.
6-      خوف التيارات الإسلامية من الالتفاف على الإرادة الشعبية وتأجيل الانتخابات لصالح بقاء حكم العسكر في السلطة.
وبالتالي نجد أن هناك حالة ما من ضعف الثقة بين تلك المكونات وإذا ما أضفنا إليها الاختلافات المنهجية بين تلك المكونات والتيارات نجد من يعمل على إزكاء روح الفرقة بين كل تلك المكونات فيما بينها من جهة وبينها وبين المجلس العسكري والحكومة من جهة أخرى.
والحل الوحيد لضمان مسيرة الثورة هو بلورة لجنة وطنية عليا تجمع ممثلين من جميع المكونات الثورية والقوى الوطنية الحرة التي شاركت في الثورة والداعمة لها يكون من أعضائها جميع المرشحين المُحتملين للرأسة المصرية وتتولى هذه اللجنة مهام التنسيق للفاعليات الثورية الشعبية والمليونيات والتفاوض مع المجلس العسكري للإعلان عن الجدول الزمني والتقريب بين التيارات المختلفة وتعزيز الشفافية والثقة بين كل المكونات والتيارات الوطنية وإفراز قيادة ثورية منتخبة من هذه اللجنة تتبنى خطاباً وطنياً تجتمع عليه المكونات الوطنية المصرية للانتقال من مرحلة المطالبة إلى مرحلة بلورة المطالب في خطة وطنية مفصلة ومبرمجة زمنياً لإدارة المرحلة الانتقالية تقدم للمجلس العسكري للتفاوض معه على تنفيذها بصورة مشتركة وليس منفردة من المجلس العسكري، كذلك العمل على تمييز بين الرموز الوطنية وفلول الحزب الوطني الذين أنشئوا وشاركوا في أحزاب عدة مستغلين خلافات القوى الوطنية حول المليونيات والوسائل الأمر الذي يهدد مستقبل مصر وثورتها التي يمكن أن تُختطف لصالح تلك الرموز الفاسدة للحزب المُنحل.  
وبدون هذه المبادرة والخطة سنظل جميعاً ندور في حلقة مفرغة لأن البديل سيكوث الشارع والثورة الثالثة والتي إن حدثت فستأخذ مصر إلى المجهول.
Share:

الخميس، سبتمبر 8

إلى أهالي الشهداء والجرحى والمصابين .. الصبر والقضاء بين أهل الأرض والسماء

  إلى أهالي الشهداء والجرحى والمصابين

الصبر والقضاء بين أهل الأرض والسماء

بقلم / محمد صلاح الدين

لقد حكمت المرأة التي مات عنها زوجها ووقفت على قبره تنعيه باكية ، وقد جاءها رجل يواسيها فقالت له المرأة إليك عني !
فذهب عنها الرجل ثم جاءها الناس فقالوا لها أتدرين من هذا قالت لا فقالوا إنه رسول الله صلّ الله عليه وسلم فقالت لم أعرفه ، ثم ذهبت إليه لتعتذر فقال لها صل الله عليه وسلم " إنما الصبر عند الصدمة الأولى" . ولقد ذهبت الصدمة الأولى باستشهاد أبناء مصر الأعزاء الذين رووا بدمائهم الطاهرة مدن وشوارع وميادين وحارات المحروسة ليحرروها من نظام الدكتاتور فعليهم رحمة الله ورضوانه ولذويهم الصبر والسلون ونشهد لكم جميعاً يا أهالي الأبطال بأنكم صبرتم على فراق أحبابنا وفلذات أكبادكم فهل يمكن أن تصبروا على حكم القضاء ؟

إنكم يا أهلي شهدائنا الأبرار لازلتم بانتظار حكم القضاء بالقصاص العادل ممن قتل أبنائكم في نظام مبارك وداخليته فماذا أنتم فاعلين إذا لم تثبت إدانة العادلي ومبارك وتاهت الأدلة في سياق الفوضى المنظمة التي قام بها الحزب الوطني وشرطة وداخلية مبارك لطمس الأدلة وإتلافها الأمر الذي قد يشعرنا بصعوبة إثبات القتل بالدليل القاطع ما لم تظهر أدلة وشهادات حقيقة تثبت تلقي أوامر مباشرة بالقتل باستخدام الذخيرة الحية وإلى ذلك الحين ما العمل؟

وبالنظر في مسألة القضاء في الإسلام نجد أن النبي صل الله عليه وسلم قد أرسى مبدأ هو غاية في الإنسانية وقمة في الرقي والحضارية عندما قال عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : اخْتَصَمَ رَجُلانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِمَا أَسْمَعُ مِنْكُمْ ، وَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ أَخِيهِ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ " حديث مرفوع.
وبالتأمل في حديث المعصوم صل الله عليه وسلم نجد أسئلة هامة هي : لماذا لم ينزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمه أي الخصمان على حق وأيهما على باطل ويقضي بينهما وفق ذلك؟ ولماذا لم يطلب النبي صل الله عليه وسلم من الله أن يبين له بالوحي المباشر الصادق فيقضي له والكاذب فيعذره ويعاقبه؟
والإجابة هي أنه لو حدث ذلك لتعذر على أي أنسان قبول أي حكم يأتي به إنسان أخر بعد النبي صل الله عليه وسلم ، ثم أليس هو القدوة قال تعالى ( لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ﴿الأحزاب: ٢١﴾ فإذا كان القدوة الذي يتنزل عليه الوحي من السماء يقول لنا إن أمر الأحكام القضائية بين الناس هو محض إجتهاد شخصي قد يحتمل الخطأ والصواب، وبه الكثير من الحيل التي قد تنطلي على القاضي العادل فيحكم للمذنب بحق الشهداء وفق المنظومة القضائية البشرية التي تحاول أن تتحرى الحق ولكنها لا تعلم الغيب ، لذا كان من دعاء النبي صل الله عليه وسلم " اللهم إهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مُستقيم ) حيث أرجع المصطفى الهداية للحق في الأحكام إلى هداية الدلالة والإرشاد ولكن قد يحرم الله القاضي هذه الهداية لحكمة يعلمها جل في علاه ، فقد يكون لتشديد الابتلاء والاختبار للمظلومين لأنه يحبهم " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَوْعُوكٌ ، عَلَيْهِ قَطِيفَةٌ ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَوَجَدَ حَرَّهَا فَوْقَ الْقَطِيفَةِ ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ : مَا أَشَدَّ حَرَّ حُمَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَيْنَا الْبَلاءُ وَيُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ " ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً ؟ قَالَ : " الأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ ، لَقَدْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ إِلا الْعَبَاءَةَ يَحْويهَا فَيَلْبَسَهَا ، وَيُبْتَلَى بِالْقُمَّلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ ، وَلأَحَدُهُمْ كَانَ أَشَدَّ فَرَحًا بِالْبَلاءِ مِنْكُمْ بِالْعَطَاءِ " .  حديث مرفوع
إذاً فعدم دلالة الله للقاضي ليست شراً محضاً بل هي لحكمة عظيمة لا نعلمها ولعل منها اختبار شديداً للمؤمنين ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴿٤﴾مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّـهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّـهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴿٥﴾وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴿٦﴾  العنكبوت ورغم الابتلاء والاختبار الصعب الذي يحتاج لمجاهدة شديدة للنفس المكلومة  يواسي الله المصابين والمكلومين والمفجوعين في مصابهم وشهدائهم وجرحاهم فيقول سبحانه مواسياً لهم ( وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴿: ٤٢﴾ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴿٤٣﴾وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ ﴿٤٤﴾ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّـهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴿٤٦﴾فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّـهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ ﴿٤٧﴾يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوا لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿٤٨﴾وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ ﴿٤٩﴾سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴿٥٠﴾لِيَجْزِيَ اللَّـهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴿٥١﴾هَـٰذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿٥٢﴾ ابراهيم

وبعد أن اتضحت الأمور بهذه القبسات الإلهية والنبوية نجد أنه ليس أمامنا سوى أمران إما الصبر أو الجزع ولكل أجره في الدنيا والأخرة.
ليس معنى الكلام أن نقف ولا نستكمل المحاكمة وأن نأخذ كل الأسباب صغيرها وكبيرة لإثبات حقنا والقصاص من القاتلة ولكن مغزى الكلام هو حديث للإيمان في تسلية للوجدان ورضاً بما يقسمه الواحد الديان.

اللهم ارحم شهداء الثورة المصرية التونسية والليبية واليمنية والسورية وتقبلهم في عليين وشافي جرحاهم ومصابيهم وعليك بكل من قتل النفس التي الله واستحل حرمات المسلمين والعرب ودمائهم وأعراضهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
Share:

الحمد لله .. وفُتحت طرابلس

  الحمد الله .. وفُتحت طرابلس  
بقلم محمد صلاح الدين

في تاريخ 22-2-2011 والقلب كان يدمي من وطأة ظلم القذافي وقتله الوحشي البربري لشعبه الأعزل وهجومه عليه دون أن يرقٌب في مؤمن إلاً ولا ذمه ، وعندها تحديداً وبالثقة التي علمها لنا النبي محمد صل الله عليه وسلم
كتبت " ستنتصر ليبيا على معمر القذافي " واليوم وبعد أن تحقق الانتصار وفتحت طرابلس على يد الثوار وتحول القذافي إلى جرذ مطارد في الأنفاق أكتب  " الحمد الله على فتح طرابلس ونصر عباده المؤمنين في ليبيا"  على الجبابرة والطغاة معمر وأبنائه وأعوانه ، ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴿يونس: ٥٨﴾ فبفضل من الله بعد أن تحققت النبؤة الأولى بالنصر، ننظر جميعاً إلى السماء لتتحقق النبؤة الثانية بسقوط القذافي وقتله في معركة في الميدان على يد الثوار لتُشفى قلوبنا من هذا الظالم في الدنيا والله نسأل أن يعطيه جزاء ما اقترف في الأخرة.
ونقول لليبيا هنيئاً لك شبابك "شبان وبنات" هنيئاً لك انتصارك الرائع ، وأخلاق ثوارك الراقية ، أقولها بكل فخر لقد شرفتم العرب والمسلمين بهذه الثورة يا أحفاد المُختار ، فقد بدأتموها سلمية وأبى القذافي عليكم إلا أن تتحولوا للسلاح دفاعاً عن النفس والعرض ، وكنتم في الموعد والساعة وقد سجل لكم التاريخ هذه الثورة المباركة ضد الظلم والفساد.
 اللهم احفظ ليبيا وشعبها ذخراً للأمة العربية والإسلامية.
Share:

الأربعاء، سبتمبر 7

مفهوم الرجولة وأنواع الرجال في زمن الثورات

 مفهوم الرجولة وأنواع الرجال في زمن الثورات
رؤية / محمد صلاح الدين
 الحديث عن مفهوم الرجولة و أنواع الرجال في زمن الثورات حديث قد يبدوا ترفاً فكرياً ولكنه حاجة وضرورة في مرحلة الاصطفاف والتمايز بين أبناء الشعب المصري ولتحقيق هذا التقييم لابد أن نؤسس للاهتمام بمنظومة القيم الإنسانية والمجتمعية للشعب المصري.
ما الذي كنا عليه قبل الثورة؟
ماهو موقفنا اليوم ؟
وماذا نريد أن نكون بالمستقبل ؟
وبناء على هذه الإجابات للأسئلة الثلاثة سنقوم بإعادة صياغة منظومة القيم الفكرية الموجهة للأمة المصرية.
ولست بصدد الإجابة على هذه التساؤلات على أهميتها ولكني بصدد اقتراح تكوين لجنة مركزية لا تقل أهمية عن لجنة صياغة الدستور المصري تتكون من خيرة عقول ومفكري الدولة المصرية لمراجعة وتقييم منظومة القيم للأمة المصرية بقطبيها مسلميها ومسيحييها بجميع أطيافهم وأفكارهم وانتمائاتهم السياسية.
وسواء اتفقنا أو اختلافنا على أهمية الخطوة السابقة إلا أننا ربما لن نختلف على تعريف الرجال وفق المفهوم القرأني الذي يتضمن  الإناث والذكور ، إذا اتصفوا بالصدق و الالتزام بعهد الله و الاستقامة على الطريق المستقيم ، ولكن كيف  نعرفهم فيمن حولنا ؟، ونحكم عليهم ونتعامل معهم؟

وبالحديث في هذا الاتجاه نجد أن البوصلة الإسلامية قد ضبطت نفسها ذاتياً للوقف عند سيرة الفاروق رضي الله عنه ( حينما جاءه رجل يزكي رجل فقال له: أأنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، قال: أسافرت معه في سفر طويل يسفر عن أخلاق الرجال؟، قال: لا، قال: أعاملته بالدينار وبالدرهم ـ الذي به يظهر ورع المرء من شرهه ـ؟ قال: لا، قال: لعلك رأيته في المسجد يمسك بالمصحف، يقرأ القرآن، يرفع رأسه تارة ويخفضها تارة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: ائتني بمن يعرفك ) .إحياء علوم الدين 2/83.  

ولعل ذلك كان مناسباً على زمن الفاروق ولكن على زماننا هذا ومع تعقيد الحياة رغم سهولة الاتصالات نجد أن الجار لا يعرف جاره ، بل والسفر لم يعد بالأشهر الطويلة بل بالساعات القصيرة التي يقضيها المسافر ما بين النوم ومشاهدة الأفلام على الطائرة وإنهاء أعماله خارج الطائرة وفي البلد المقصود، كذلك أصبح الإنسان يتعامل مع البنوك وشركات الاستثمار فقل التعامل المباشر بالتجارة وإن كثرت قضايا المال بين الناس مما يفيد بضياع الورع عند الكثير من الناس.

إلا أن الطيبين من الناس لازالوا ينخدعون من البعض وبخاصة الإناث من الذكور، لذا علينا أن نتأنى قبل إصدار الأحكام على أي إنسان لنرى مدى انسجام هذا الإنسان بين سلوكياته الظاهرة مع قيمه ومعتقداته الباطنة فإذا وجدنا اتساقاً واتفاقاً مرة بعد مرة في وموقف بعد أخر عندها يكون الحكم ويبدأ غلبة الظن والتوقع بحيث تستطيع أن تقول لو أن فلان كان في موقف كذا لفعل كذا وكذا بما تعرفه عنه من التعامل والمشاهدات  وإن لم يُبنى الظن على الواقع وتكرار المواقف والتعاملات عندها تحدث الصدمات مغلفة بالحسرات والندامات على ما فرطنا به في التدقيق والتفحيص.

وبما أن معظم الناس في مصر وعالمنا العربي يتمتعون بخصائص توصف في مجملها بالطيبة وعدم توقع الشر لقلة الوعي بمبدأ " سوء الظن أحياناً يكون من حسن الفطن" ، وكيف لا وهم يعلمون أن سؤ الظن منهي عنه شرعاً ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ..} قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:يقول تعالى ناهياً عباده المؤمنين عن كثير من الظن ومثل التهمة والتخوين من غير بينه او دليل للأقارب والأهل والناس في غير محله،فيجتنب كثير منه احتياطاً.

ولكن قد ينفع القليل منه أيضاً احتياطاً لمن كانت أقواله وأفعاله تنم عن وجود مشاكل في منظومة الاعتقاد أو القيم والمواقف والاتجاهات هنا يكون الحذر أحوط في الحكم والتعامل وهذا لا يشمل اتهام الناس بالباطل بغير دليل أوبينة ولكنه يقصد به أخذ الحيطة والحذر " خُذُوا حِذْرَكُمْ " وهذا ما لانجده في الحياة وبخاصة عند الشروع في الزواج أو التعيين لموظف جديد في العمل أو التأجير لمسكن حيث نجد التسرع في الحكم على الناس بالسلب أو الإيجاب ، الأمر الذي يحدث أضراراً نفسية واجتماعية واقتصادية لاتحمد عُقباها  ، فكم مــــرة نسمع عن من يبالغ في مدح أو ذم فلان أو فلانة لهوى في النفس حباً أو بغضاً ( ولا يجرمنكم شنأن قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى) ، هنا تقع المشكلة في تبسيط الأمر واستسهاله بذريعة حسن النية وأن التزكية غرضه أن يتزوج أو أن يحصل على عمل لأنه محتاج رغم أنه قد لا تنطبق عليه شروط الكفاءة والخلق للزواج أو العمل، فيندفع المُزكي بحسن النية غير المرشدة ، وعند وقوع الفأس في الرأس وظهور المشكلات تجده يعلل ويبرر ليقول لقد كانت نيتي خير ولم أكن أقصد ذلك أبداً وقد أخفيت ما أعلم وقلت لعله ينصلح فيحدث التدليس بحسن نية وعن غير قصد، والنتيجة ضياع الثقة وفساد العلاقات في المجتمع بسبب عدم الإدارك بين عبادة الشهادة وإبداء الرأي الموضوعي في إنسان أو سيارة أو رب عمل أو منتج أو نحو ذلك (.... وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّـهِ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿الطلاق: ٢﴾) وهذه الموضوعية التعبدية بالتأكيد هي التي تدفع الإنسان لكي ينظر  للرأي على أنه شهادة تقدم إلى الله قبل أن تصل للناس أفراداً وجماعات

فيخلص الإنسان الرأي لله بأن يسعى لتحري الحق " داعياً الله بما دعى به الرسولى صل الله عليه وسلم اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مُستقيم " فكل منا يبحث عن الحق وفي إطار عملية البحث علينا ألا يلغي بعضنا بعضاً ويسفه رأينا  رأي الأخرين بل علينا أن ندرك بأنه لا أحد يمتك الحقيقة المطلقة لأن الأمور نسبية ، وبهذا الإدراك سنكون قد خطونا شوطاً كبيراً  للحد من هوى التحيز الإيجابي أو السلبي و المبالغة والعاطفية على السواء ، ولعل تحدي القيم يكون هو أبرز التحديات التي تقف أمام المجتمعات العربية الثائرة فالذي يستطيع تجسيد تلك المعاني بتطوير علاقاته وترشيد قيمه في محيطه ومجتمعه هو الذي سيعبر بثورته ويحقق أهدافها السامية .

وقد يقول قائل إن هذه اللغة تناسب الإسلاميين وحدهم وكن الحقيقة أنها ليست كذلك أو  على  المتدينين وحدهم " مسلمين ومسيحيين " فنحن شعب يُعلم عنه  التدين بالفطرة ، وأن الإنسان المُتدين يلقى تقدير اً ومنزلة حتى عند غير المتدين ، وهنا مكمن الخطورة في عدم قدرة معظم العوام وبعض الخواص على التفرقة بين مفهوم العبادة التي منها " الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها من النسك والعبادات الظاهرة التي تقدم مباشرة إلى الله ، وبين المعاملة التي تقدم لله عبر عباده  والتي تحتاج إلى سلوك راق وأخلاق نبيله  " وخالق الناس بخُلق حسن " وهذة المُخالقة تحتاج لزمن قد يطول ويقصر بحسب نوع وحجم التعاملات والمواقف الإنسانية، فمن تتعرف إليه في غضون شهر مثلاً ثم تجد أنه يقدم لك ماله ليقف بجوارك في شدة قد ألمت بك دون أي مصلحة مادية أو معنوية مباشرة أو غير مباشرة لا تحتاج معه لطول وقت للحكم له بالشهامة والمروءة والكرم ، في حين أنك قد تصدم ممن كنت تظنهم من أعز أصدقائك  فتجدهم يتخلون عنك عند أمس الحاجة إليهم.

ومن الأمور التي تظهر مفاتنها بالنسبة للناس ما يحدث أحياناً بين الزملاء في العمل حيث تجد من يحاول جاهداً بأن يحظى بمنافع مادية أو معنوية بحصوله على دعم من أصحاب القــــــرار والقـــــوة والنفوذ ... فتجده يستخدم كل الأساليب التي تتسم بالليونة والنعومة فيتسرب بين الناس كالماء حتى يملاء حياتهم فيغرقهم ويشمت فيهم ، حيث يأتي بسلوكيات تتسم وتتفق مع ما يخدم أهدافه وأهداف من يتبع لهم وذلك بأي وسيلة كانت " فالغاية لديه تبرر الوسيلة " فهو يتقلب في تلك السلوكيات ليل نهار فتجده يخوض في الكذب ويبحر به بعيداً عن شاطئ النجاة تارة ، وتجده يتماهى مع أسياده أخرى فيسخر معهم من من يسخرون منه تارة ، تراه يصمت معهم عن نصرة من يخالفهم في الرأي حتى لو كان الحق معه فتجده يبطر الحق ويغمط الناس بكبر مذموم ، كما تجده يُزين لنفسه الكذب ويستمريه ليدافع عن فريقه أو حزبه بالباطل ليكسب ودهـــم ويكون من أصحاب الحظوة عندهم ، وفي كل مرة يجسد  ويتلون بألوان عدة بحسب المواقف التي يتقلب فيها  فلا تعرف له لون حتى أنه ينسى لونه الأصلى " فطرته " الذي أفسدها بكثرة فساده.

ولعل الثورات العربية قد فضحت زيفهم وأطلق عليهم البعض لقب " المُتحولون " فهم الذين كانوا إلى عهد قريب محط أنظار عدسات وكاميرات المصورين ووسائل الإعلام في مختلف المجالات الدينية والسياسية والاجتماعية والفنية والإعلامية والرياضية وغيرها يطبلون ويزمرون للنظام المهزوم ورغم إنكشاف أمرهم وانفضح سترهم بأنهم " مُذبذبين " إلى أنهم لا يستحون في أن يتحولون إلى ممالقة النظام الجديد لعلهم أن يُحافظوا على نفوذهم ومكانتهم التي اكتسبوها من التملق والنفاق ، وإذا كان من خير وحيد لتلك الثورات العربية نستطيع أن نعده معاً " هو التمايز التي حدث بين فئات المجتمع من مؤيد للنظام ومع مؤيد للشعب" فأسقطت الثورة هذه الرموز  الفاسدة مُحطمة هالة القداسة وإدعاء المعرفة التي أحاطتهم بها وسائل إعلام النظام ،  فتأكد للناس بأن " كل يأخذ منه ويرد إلا المعصوم " صل الله عليه وسلم ، شريطة ألا نتهم أحد في نواياه أو توبته الصادقة إذا أعلن عنها ، أو كان لها وجهاً معتبراً من وجوه التأويل ، " وهنا نعود لقيمة هامة هي " إنما نحن قوم لنا الظاهر والله يتولى السرائر " ولنتأكد بأن  الله لايصلح عمل المفسدين " وأنه سبحانه يدافع عن الذين أمنوا وأنه سبحانه سيهدي المؤمن بإيمانه لاتخاذ الحكم والقرار الصائب " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴿٩﴾ سورة يونس.

ورغم كل ذلك فعلينا توخى الحذر كل الحذر ممن يأتي ليطالبك بإحسان الظن رغم إسائته الظاهرة إليك ، في الماضي والحضر مثل هذا يكون ردك عليه هنا " لستُ بالخب وليس الخب يخدعني "  ، "ولا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين " فمن يُطالب بإحسان الظن يلزمه حسن العمل  بإظهار الجميل وستر القبيح من نفسه وإلا فسوء الظن به أولى (..وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) ﴿٤٣﴾ فاطر


Share:

السبت، سبتمبر 3

الثمن الذي يدفعه الطيبون

الثمن الذي يدفعه الطيبون
كتب / محمد صلاح الدين عبد الحكم



للتواصل بالرأي أو النقد أو التعليق على المقالة
برجاء إرسال التعليق على العنوان الالكتروني التالي وشكراً على زيارة المدونة :
 

يقول أفلاطون ( الثمن الذي يدفعه الطيبون لقاء لا مبالاتهم بالشؤون العامة هو أن يحكمهم الأشرار )
وفي هذه الحكمة وقفات عديدة نتحدث فقط عن واحدة منها هي " اللامبالاة" فما هي اللامبالاة؟
فوفق موسوعة وكيبيديا وبحسب علم النفس أن اللامبالاة هي " حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شؤون حياته أو حتى في الأحداث العامة كالسياسة ، وإن كان هذا في غير صالحه ، مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج"  وكيبيديا بتصرف
وأضيف على ماسبق بأنها نتاج قلة الوعي وضعف الإيجابية وكلاهما نتاج الانشغال السلبي أو الإيجابي بالنفس وقلة احترام الذات، وللخروج من دائرة الانشغال بالنفس لابد من إيقاظ الحس الوطني ، بتوجيه الفرد و المجتمع لهدف سام يكون معه نكران للذات واستعداد لتقديم التضحيات بالوقت أوالمال أوالجهد أو حتى النفس كما حدث في 25 يناير وعلى مر التاريخ العظيم للشعب المصري .
فهل يمكن أن يجمعنا هدف واحد هو بناء النظام بعدما نجحنا في 25 يناير من إسقاط النظام السابق؟
والإجابة الضرورية هي نعم ولكن ، إذا أنكر كل منا ذاته أفراداً وجماعات رموز وعوام أحزاب ومؤسسات واتحدنا على كلمة واحدة هي " مصر أولاً " لتذوب الفروقات والاختلافات في بوتقة مستقبل الوطن عندها سيسهل علينا بناء النظام الذي نريد ، فالبداية إذاً بالنفس والنهاية بها.
وهنا نجد التنبيه الإلهي للنفس والربط العجيب ببين ما في النفس وبين قلقها الدائم على الرزق لذا أقسم الله على أنه في السماء وليس في الأرض وأن كل شيء عنده بمقدار وقدر فهل يعلم من يشتغلون بالسياسة والمُنتمين للأحزاب المختلفة هذه المعاني ويبنون مواقفهم وسلوكياتهم على هذا الأساس أم أن المسألة خلاف ذلك ؟
 قال تعالى (... وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴿٢١وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴿٢٢فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴿٢٣الذاريات صدق الله العظم
فهل وعينا هذا الحديث الذي لا يأتيه الباطل من بين يده ولا من خلفه ، سواء كنا إسلاميين أو علمانيين ، يساريين أو سلفيين علينا أن ندرك بأن مصير العباد والبلاد بيد الله تعالى ولن يستطيع أحد أن يأخذ من أحد منصب أو وزارة أو رأسة أو نحوها إلا أن يكون بقدر الله ، ألم يقل النبي صلّ الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ." بهذه الثقة علينا أن نحاور بعضنا بعضاً وأن يثق في بعضناً بعضاً فلا مجال للتخوين أو التخويف علينا أن نثق في الله وفي أنفسنا وفي الأخرين علىينا أن نجرد قلوبنا من كل هوى إلإ هوى مصر عز العرب وفخر المسلمين.

وأعتقد أن هذا المفهوم ينسحب على جميع الدول التي قامت بها الثورات وليس على مصر فقط.
Share:

الخميس، سبتمبر 1

سورية ... الموت ولا المذلة

سورية ... الموت ولا المذلة
 
كتب / محمد صلاح الدين عبد الحكم
للتواصل بالرأي أو النقد أو التعليق على المقالة
برجاء إرسال التعليق على العنوان الالكتروني التالي  وشكراً على زيارة المدونة :
m.salahaldeen@gmail.com 

الشعب السوري في دولة الأسد

لقد استيقظ الشعب السوري قبل نحو خمسة أشهر ليجد نفسه يعيش في دولة تشبه دولته من حيث الجغرافيا والتاريخ واللغة والعادات والتقاليد إلا أنها لا تشبه دولته من حيث العقيدة والنظام السياسي والعسكري والأمني والإعلامي...  فقد علم السوريون ولأول مرة أنهم في دولة الأسد حيث لا قانون إلا قانون الغاب ولا حزب إلا البعث ولا إله فيها إلا الحاكم ، عندها اندفعوا بالعشرات عقب ثورة الياسمين في تونس وثورة الأحرار في مصر للمطالبة بالإصلاح فقوبلوا بالاعتقال والإهانة والقتل بالرصاص الحي فاستلهم الشعب العربي السوري اللحظة التاريخية واستدعى تاريخه المجيد كواحد من أقدم شعوب الأرض فاندفع بالمئات ثم بالألاف ثم بالملايين في كل المدن السورية على مدار أشهر ثم أحيا نهار رمضان بالثورة صائماً وليله بالثورة قائماً ينادي الشعب يريد إسقاط النظام ، فاستفز ذلك حكام دولة الأسد فأطلقوا إرهابهم وطغيانهم بل كفرهم بقولهم " لا إله إلا بشار / ماهر الأسد" الأمر الذي استفز شباب الحرية المؤمن فخرجوا في ثبات أسطوري هاتفين " لن نركع إلا لله " ثم تحدوا واستعلوا على هذا النظام البعثي ورفعوا سقف المطالب التي تجاوزت إسقاط النظام إلى " الشعب يريد.. إعدام السفاح ".

ورغم خذلان العالم أجمع لهذه الثلة المؤمنة من الشباب العربي السوري البطل بما فيهم الأنظمة العربية الجديدة والقديمة باستثناء بعض المواقف الرسمية المشرفة للمملكة والكويت والبحرين وبالطبع قطر، إلا أن لهيب الثورة لا زال متقداً لم تخمد جذوته في صدرهم، على الرغم من استمرار تزايد عمليات الاعتقال والتعذيب والقتل الوحشي ، وحتى لحظة تدوين هذه الكلمات لازالت المظاهرات في ثالث أيام عيد الفطر المبارك للعام 1432 هـ تخرج  في معظم أرجاء المدن السورية الحرة لتنادي على بعضها البعض " ياسورية ... حنا معاك للموت " وفي تلك الأجواء تلقى نظام الأسد البعثي مسماراً جديداً في نعشه باستقالة المدعي العام لمحافظة حماة السيد عدنان بكور والذي يعد أول مسئول بهذا الوزن والقدر يُقدم على هذه الخطوة إلا أنه وبعد ساعات قليلة أذيع خبر إلقاء القبض عليه من قبل شبيحة النظام بحسب مصادر إعلامية ولا أعرف ما هي الظروف والملابسات التي أدت لقيامه بهذه الحركة الشجاعة دون أي تنسيق مع تنسيقيات الثورة السورية للعمل على تهريبه أو على الأقل أخذ ما لديه من أدلة تدين النظام، وقبل أن يقوم النظام بتلفيق إحدى السيناريوات الوقحة التي لا زال يلقيها علينا ليل نهار.

لذا أعتقد بأنه يتعين على الثوار الأن بأن يعملوا على تدارك الخطر الداهم والمتمثل في ضعف التنسيق وعدم سيولة قنوات الاتصال لتأمين استقبال من يريد الانشقاق من أحرار الشعب السوري وترتيب مواقفهم وتوظيفها لصالح الثورة ، من خلال الربط بين جميع التنسيقيات وبين المجلس الانتقالي الذي يجب دعمه بكل قوة لتفعيل دوره كجهة وطنية وحيدة ممثلة للشعب السوري في الداخل والخارج والذي يجب أن يعمل للتنسيق الدولي للعمل على نيل اعترافات رسمية بالمجلس الانتقالي من دول العالم وبخاصة مع تلك الدول التي تتاجر بالثورة السورية والتي أعلنت فقدان الأسد لشرعيته ولا زالت تمنحه الوقت لتبحث لنفسها عن قيادة بديلة تواليها وتمضي معها قدماً للمحافظة على أمن الاحتلال.

الثورة السورية بين السلمية والتسليح

بالتزامن مع احتفال المسلمين بعيد الفطر المبارك في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي يحتفل الشعب السوري بالعيد على طريقته الخاصة بعد أن أخذت الثورة السورية عيدية العيد من أختها الثورة الليبية بسقوط النظام الليبي وفرار القذافي حيث شرع أحفاد المختار في أكبر عملية مطاردة  للسفاح في كل أنحاء ليبيا بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة الأمر الذي أنعش الأمال والطموحات الشعبية للثورة السورية بعد ما ظل النظام البعثي السوري يبث سمومه للأغلبية الصامتة من السوريين عبر وسائل الإعلام البعثي السوري محذراً من تحول سورية إلى الاقتتال كما هو الوضع الليبي، وبعد أن أخذاه الله وأنعم على الثوار الليبيين بالنصر على القذافي زاد ذلك من إرادة الثوار السوريين وقوى عزائمهم فأصروا على سلمية ثورتهم التي أخشى ألا يكون أمامها حلاً إلا الإعلان عن الجهاد المسلح ضد الكفرة من عصابة الأسد وجيشه وشبيحته لتتفجر الأوضاع بالإعلان عن مجموعات وفرق وكتائب شعبية مسلحة لتدخل سورية في دائرة جديدة من الصراع، ربما لن يتمكن معها الثوارمن إقناع الدول العربية والأمم المتحدة بحقوقهم المشروعة، حيث سيتفيد الأسد من علاقاته الدولية وسيطلب من حلفائه بالضغط على الأمم المتحدة لتوصيف الحالة على أنها صراع مسلح على السلطة بدلاً من ثورة على نظام فاسد وهنا مكمن خطوة تسيح الثورة، لذا فالبديل هو المحافظة على سلمية الثورة رغم جسامة التضيحات المتوقعة نتيجة هوس الجيش الأسدي والشبيحة بالقتل والرغبة الجامحة في التعذيب والإذلال.


متى سيتحرك الصامتون في سورية ؟

رغم كل هذه المظاهرات ورغم ألاف القتلى وعشرات الألاف من الحجرحى والمعتقلين والمشردين بسب القمع إلا أنه لازالت فئات وأعداد كبيرة من الشعب السوري لا زالت صامته لم تتحرك، والسؤال هو لماذا لم تتحرك ومتى ستتحرك؟
والإجابة على كهذا سؤال لن تكون سهلة بل ربما ستكون أشد تعقيداً من ظروف الثورة نفسها لأن النظام قد أفلح على مدار أربعين عاماً من إفساد الحياة السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والقضائية وحتى الفنية والرياضية والأخطر الدينية  حيث ترك الناس يتدينون التدين السلبي الذي لا علاقة له بالحياة ولا يتدخل في شئون البلاد العباد ولا الدولة ونظام الحكم حيث دعم الأسد النخب والرموز الدينية واشتراها بكل الوسائل حتى ضمن ولائها ليوم يكون هواها تبعاً لما جاء به الأسد حتى وإن كان كاذباً أو قاتلاً .
فما نشهده من اصطفاف شاذ لرموز المجتمع والنخب السورية حول الأسد ونظامه في الداخل من كتاب ومثقفين وإعلاميين وأساتذة جامعات وفنانين ورجال دين وغيرهم ، وما لهم من تأثير على الشعب السوري يعتبر الحلقة الأضعف في حلقة الثورة السورية وذلك لما لهم من تأثير وما يقوموا به من دور تثبيطي سلبي للفت في عضدد الثواروتحييد الأغلبية الصامته عن دعم الثورة فهم يلبسون على الناس الحق بالباطل وصدق الله العظيم القائل في أمثالهم " وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴿٤٢ "البقرة" إنهم يعلمون أن نظام الأسد البعثي نظام كافر وأنه قاتل ومفسد وليس بمصلح ولكنهم قد باعوا أنفسهم للشيطان وتحالفوا معه فلم يعد لهم رجعة بتوبة إلى ربهم أو عودة إلى شعبهم إلا من أراد الله أن يصيبه برحمته. فهم أحد الأسباب الرئيسية وراء صمود نظام الأسد لذا فهم أحد التهديدات الحقيقة التي تواجه الثورة السورية لذا لازال النظام يبدوا متماسكاً بعد مرور نحو خمسة أشهر حيث لم نشهد انشقاقات حقيقة في النظام حتى الأن باستثناء أعداد قليلة من الجنود ولعل استقالة المدعي العام البكور هي أول الغيث،  ولكن في المجمل لازال النظام قوي ومتماسك والذي ربما يعمل على إذابة هذا التماسك هو حدوث اختراق حقيقي لصالح الثوار في أوساط النخب السورية من خلال تحول بعضهم من أبواق في يد النظام إلى مساندة الثورة السورية وفضح أعمال النظام في مختلف وسائل الإعلام، كذلك بدء إنفضاض التجار وخاصة تجار حلب ودمشق عن النظام السوري وتأييدهم للثورة الأمر الذي سيسبب حالة من الاختناق الاقتصادي للنظام الذي يواجه في ذات الوقت خناقاً اقتصادياً دولياً يدفع أعداد كبيرة من الشبيحة للانفضاض عن النظام السوري وبالتالي يفقد النظام أحد أذرعه المسمومة وبالتالي سيضعف من وطأة القبضة الأمنة والعسكرية لصالح الثورة والثوار ، أو سيعمل النظام على توجيه شبيحته لمهاجمة التجار أنفسهم لترويعهم بشتى الطرق لأخذ الدعم المادي المنشود لدفع أتعاب ومصروفات الشبيحة وذخائرهم التي يقتلوا بها الثوار.

متى نصر الله ؟
الكل يسأل متى نصر الله والإجابة ليست بشرية وإنما ربانية " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّـهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّـهِ قَرِيبٌ"﴿٢١٤ البقرة، إذاً لا يوجد شك في أن النصر أت ولكن المسألة مسألة وقت ليحدث فيها عملية التمحيص للفئة المؤمنة من خلال ما يوجهونه من بأساء وضراء وزلزلة أمام هذا النظام البعثي الكافر الفاجر وزبانيته وهذا التمحيص بلا شك هو مُجلب النصر القريب  فالمسألة نسبية ولكنها في الأخير تمثل حكمة ربانية معرفة من لديه الاستعداد لتقديم التضحيات والانحياز إلى الحق والثبات عليه واللجوء إلى الله والثقة فيه والتذلل إليه والاعتماد عليه دون سواه " لن نركع إلا لله" والأخذ بجميع الأسباب الممكنة مهما كانت محدوديتها، عندها وعندها فقط سيتنزل النصر على الشعب السوري الذي أثبت بأنه لن يتراجع مهما كثرت التضحيات أو زادت العذابات لأنه يعلم أن التراجع له وجهان أما الوجه الأول
فسيُعد خيانة لدماء ألاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والثكالى والأرامل والأيتام الذين  وفقدوا أبائهم خلال الثورة
وأما الوجه الثاني فهو الاستسلام المهين المذل الذي يجعل مسقبل سورية في مهب الريح تحت قبضة أحفاد أحفاد الأسد بعد أن يكون قد قضى على معظم شباب الثورة الأحرار مدينة مدينة وقرية قرية وحارة حارة وبيت بيت ، لذا فلا خيار سوى الاستمرار حتى النهاية فقد مضى وقت التراجع والتفكير في الاستسلام ، فلا تراجع ولا استسلام حتى النصر أو الشهادة.
Share:

ترجمة جوجل - Translate

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

حكمة اليوم ..

"أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة" مارتن لوثر كينغ

أضـــواء وتوجهـــات

توعوية، تنموية، منوعة، تهتم بالشأن العام العربي والإسلامي.

- تدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، ضد الظُلم والفساد والاستبداد والعنصرية والجهل والفقر والمرض.

- ضد الإعلام المُضلل الذي يهدف إلى السيطرة على الرأي العام وتوجيهه لقبول الفساد والاستبداد.

- تدعم الصحافة الحُرة التي تعمل بمهنية وشفافية لتوفير المعلوماتية لدعم حق الشعوب في المعرفة الموثوقة.

المشاركات الأكثر مشاهدة

مسميات

وجهة نظر ثورة 25 يناير 2011 الانقلاب ليس فتنة وإنما هو اعتداء على الشرعية أحاسيس وطنية كلام في السياسة رؤية تحتاج إلى إعادة نظر الثورة السورية ضد بشار الأسد من ثقافتنا الإسلامية الثورة المصرية الانتخابات المصرية بعد 25 يناير كلمات في الديمقراطية الثورة الليبية ضد القذافي الدكتور مرسي الرئيس مرسي مفاهيم غائبة الأمن القومي ومعلوماتية الثورة الانقلاب هو الارهاب الرئاسة المصرية سلوكيات إسلامة مشاركات فيسبوكية استقصاء الخروج في الانتخابات المصرية الأمن القومي الثورة برلمان الثورة 2012 ثورة 25 يناير 2013 رؤية ساخرة مفاهيم إسلامية مفاهيم عامة #غزة_تقاوم #العصف_المأكول أفكار وأخطاء يبغي أن تُصحح الإسلام الإسلام والغرب الإعلام الشرطة المصرية المبادرة المصرية لحل الأزمة السورية المعارضة الوحدة الوطنية ثقافة إسلامية جبهة الانقاذ جولة الإعادة دعاء الثورة للمظلومين رؤية حول الإعلام سفاسف إعلامية ميدان التحرير أضحوكة العالم أقوال المستشرقين عن الإسلام أم الشهداء أمريكا، حفل تنصيب الرئيس الأمريكي، الديمقراطية، إيمانيات استخبارات استفتا الدستور الانقلابي استفتاء الدستور استفتاء الدستور الانقلابي الأفكار الإخوان المسلمين الإعلام الأمني الإعلام الفاسد الإعلام المصري الانتخابات 2013 الانتخابات الأمريكية، بارك أوباما الانقلاب العسكري البنك الدولي التغيير الثورات العربية الثورة المضادة الحرب على غزة 2012 الحركات الثورية الحرية الداخلية الرئيس مرسي الأول الرئيس مرسي والسيسي الرد على الآخر الرضى السفارة المصرية السياسة والثورة، مصر، ثورة يناير، الإسلاميين، الإخوان، الشعب، النظام، الثورة المضادة. السيسي السيسي واليهود السيسي وغلاء الأسعار الشعب المصري الشعب المصري. العسكر عندما يتحدث للغرب الفريق شفيق القضاء المصري القيادة المصرية واستعادة القوة الناعمة الليبرالية العربية المرشح الديمقراطي المشاركة في انتخابات البرلمان 2013 المقاطعة الاقتصادية والعزل السياسي النوم الهجرة الهوية الوسطية انتخابات الرئاسة المصرية بورسعيد بي بي سي بُرهاميات تحذير أخلاقي تحرير تحليل تصريحات تحية وتقدير تصريحات العسكر تصريحات ساويرس تطبيق الشريعة الإسلامية تطهير القضاء تغريدات مصرية تفوق مرسي على شفيق في دولة الكويت تناقضات حزب النور ونادر بكار تويتر حادث رفح حزب الدستور د.أبو الفتوح دروس دستور العسكر والكنيسة رابعة رومني سد النهضة، مصر، السودان، إثيوبيا، الجزيرة، بلا حدود، تيران وصنافير، سيناء سليم عزوز- مرسي شهداء ثورة يناير شير فترة الولاية الثانية فض الاعتصام في مقاصد الدستور والقانون فيسبوك كلام في الاقتصاد والسياسية كومنت لايك متابعين مرسي مشروع المليون فدان مصر مصر أصيلة مصر بحاجة إلى نخبة جديدة مصر_دستور_يا_سيادنا معركة الوعي مقال من النوايا الالكترونية من قيم المجتمع هشام جنينه ‫#‏فاكرين_أيام_حكم_مرسي‬

الأرشيف